بَاب فِي ذكر مشايخ هذه الطريقة وَمَا يدل من سيرهم وأقوالهم عَلَى تعظيم الشريعة
اعلموا رحمكم اللَّه تَعَالَى أَن الْمُسْلِمِينَ بَعْد رَسُول اللَّهِ ﷺ لَمْ يتسم أفاضلهم فِي عصرهم بتسمية علم سِوَى صحبة رَسُول اللَّهِ ﷺ إذ لا فضيلة فوقها، فقيل لَهُمْ: الصَّحَابَة، ولما أدركهم أهل العصر الثَّانِي سمى من صحب الصَّحَابَة التابعين، ورأوا ذَلِكَ أشرف سمة ثُمَّ قيل لمن بعدهم أتباع التابعين ثُمَّ أختلف النَّاس وتباينت المراتب، فقيل لخواص النَّاس مِمَّن لَهُمْ شدة عناية بأمر الدين: الزهاد والعباد ثُمَّ ظهرت البدع وحصل التداعي بَيْنَ الفرق فَكُل فريق أدعوا أَن فيهم زهدا، فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفاسهم مَعَ اللَّه تعالي الحافظون قلوبهم عَن طوارق الغفلة باسم التصوف واشتهر هَذَا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة.
ونحن نذكر فِي هَذَا الباب أسامي جَمَاعَة من شيوخ هذه الطريقة من الطبقة الأولى إِلَى وقت المتأخرين مِنْهُم، وتذكر جملا من سيرهم وأقاويلهم بِمَا يَكُون فِيهِ تنبيه عَلَى أصولهم وآدابهم إِن شاء اللَّه تَعَالَى.
1 / 34