"وبقيت بنو كلب في خلق عظيم على خليج القسطنطينية منهم مسلمون ومنهم متنصرون".
"معان" قال ياقوت (١٤: ٥٧١): "هي مدينة فيطرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي البلقاء" وكان أهلها نصارى تحت حكم الروم والمالك عليها عند ظهور افسلام فروة بن أبي عام شيخ بني جذام النصارى، وبقرب معان عند مؤته التي دعاها تاوفانوس المؤرخ (Theophane.I.٥١٥.ed.Bonn) باسم (Mo؟) حدثت وقعة سنة ٨ للهجرة بين جيوش لمسلمين تحت أمرة زيد بن حارثة وجعفر ابن أبي طالب وعبد الله بن رواحة (وبين) جيوش الروم تحت قيادة تاودروس المعروف بالنائب وقد روى مؤرخوا العرب أن عدد الروم كان مئة ألف ومعهم من عرب النصارى مئة ألف آخرون (فكان الانتصار للروم وهزمك المسلمون وقتل قادتهم، ولكنهم عادوا بعد ذلك بسنة فغلبوا الروم وفتحوا معان واستولوا على جهات البلقاء وقيل أن فروة صاحب معان اسلم.
"المدينة" كان اسمها في الجاهلية يثرب دعيت بذلك على ما قيل باسم بانيها أحد أبناء آرام وفي تقاليد العرب أن أل من سكنها العمالقة ثم هاجر إليها اليهود في أزمنة مختلفة قبل لمسيح على عهد موسى ويشوع بن دنون وداوود ثم في زمن خراب أورشليم وهيكلها عل يد الأشوريين ثم بعد المسيح عند تح الرومان للقدس الشريف فخرج منهم إلى يثرب بنو قريظة والنضير وبهدل ونزلوا واديين اسمهما بطحان ومهزور وبنوا هناك الآطام أي المنازل المحصنة.
وكانت ديانة هذه القبائل اليهودية كما هو بديهي، غير أنهم اختلطوا بقبائل أخرى عربية كان البعض يسكن في جوار يثرب والبعض الآخر هاجر إليها من اليمن بعد تفرق أهله سواء كان بسبب سيل العرم كما روى العرب أو لعلل أخرى.
وما لا سبيل إلى إنكاره أن النصرانية دخلت يثرب بعد السيد المسيح بقليل كما رأيت في ما نقلناه عن دعوة الرسل في الحجاز ووجود قبر واحد منهم في جبل العقيق من ناحية المدينة على ما نقلة للطبري (ص١٠٧) .
وليس من المستبعد أن بين القبائل اليهودية المهاجرة من أورشليم قوم عرفوا النصرانية ودانوا بها ولاسميا أولئك المتنصرين الذين سبق خروجهم فنح حاضرة بلادهم فالتجأوا إلى المدن الواقعة ما وراء الأردن، فأنهم إذا رأوا ما حل بالمدينة المقدسة من الدمار توغلوا في بلاد العرب وسكنوا في جباتها الداخلية.
والظاهر أن بعض تلك البعد المعروفة بالبدع اليهودية النصرانية (Sectes judeo-chretiennes) شاعت خصوصًا في نواحي العرب كشيع الناصريين (Nazareens) والأبيونيين (Ebionites) والكسائيين (Elkesaites) وقد ذكرهم الكتبة الكنسيون ف القرون الأولى كاوسابيوس المؤرخ (وأوريجانس المعلم ويوستنيوس الشهيد والقديس أبيفانيوس في تاريخ الهرطقات والقديس هيرونيموس في كتاب الأعلام وتادويطس وصاحب الفلسفيات وكروا علاقاتهم مع المسيحيين.
واستشهدوا بما كان لديهم من الآثار النصرانية، وقد وجد الأثريون في زماننا بعض تلك الآثار المكتوبة بالحرف السرياني ونشروها بينها فصول إنجيلية وطقوس ورتب بيعية.
وبعض هذه البدع التي اتنتشرت في جهات العرب بالغ أصحابها في أضاليلهم فنبذ النصارى زعمهم وقبحوها كالفطائريين (Collyridens) الذين كانوا يبالغون في عبادة مريم العذراء، فيقدمون لها نوعًا من القرابين أخصها أقراص العجين ولفطائر وقد ذكرهم القديس أبيفانيوس في كتاب الهرطقات (ولعل هؤلاء المبتدعين هم الذين دعاهم ابن بطريق بالمريمية والبربرانية فافادنا أنهم كانوا يقولون"ن المسيح وأنه الهان من دونه الله" وقد وصفهم بذلك ابن تيمية في كتابه الجواب الصحيح ودعاهم بالمريمانيين والمريمانية، وعلى هذا البناء شرح مفسر والقرآن قوله: في سورة المائدة "أخذوني وأمي الهين" وقالوا في شرح في سورة النساء (ولا تقولوا ثلثة) أي لا تقولوا الآلهة الله والمسيح ومريم (كذا في شرح البيضوي والزمخشري وغيرهما) .
وقام غيرهما في أنحاء العرب وتطرفوا على عكس ذلك فأنكروا عل العذراء مريم دوامها في البيتولية فسموهم لذلك بالمعادين لمريم (Antidicomarianites) وذكرهم القديس أبيانيوس في كتاب البدع.
1 / 49