"دومة الجندل" حصن كان بين المدينة ودمشق على سبع مراحل من دمشق وقبل على خمس ليالي ويبعد عن المدينة ١٥ ليلة وقيل ١٣ كان مبينًا بالجندل أي الصخر وكان حوله مدينة واسعة يحيط بها سور، وكان صاحب دومة الجندل أكيدر الملك ابن عبد الملك السكوني، وكانت دومة الجندل عند ظهور نبي الإسلام كلها نصرانية عليها أسقف تابع لمدينة دمشق كما ورد في كتاب "مدينة الله أنطاكية" من مخطوطات مكتبتنا الشرقية، وكان ملكها أكيدر نصرانيًا فبعث إليه محمد رسول الإسلام خالد بن الوليد في ربيع ألول من السنة الخامسة للهجرة (٦٢٦م) فأسره.
والعرب يذكرون عدة غزوات لدومة الجندل عند ظهور الإسلام، قال في تاريخ الخميس (٢: ١١) "أن دومة كان عليها قبل الأكيدر المسمى إصبع ن عمرو الكلبي وكان نصرانيًا وأن عبد الرحمان بن وف غزا دومة ففتحها وتزوج ابنة الإصبع تماضر" وكان الروم عادوا فملكوها قال المسعودي في كتاب التنبيه والإشراق (ص٦٤٨) يذكر غزوة غزاها رسول الإسلام لدومة: وفيها (أي السنة الخامسة للهجرة) كانت غزوة دومة لجندل وهل أول غزوة النبي للروم وكان صاحبها أي دومة أكيدر بن عبد الملك الكندي يدين بالنصرانية وهو في طاعة هرقل ملك الروم وكان اعترض سفر المدينة تجارهم (قال) فبلغ أكيدرًا سيره فهرب وتفرق أتهل دومة وصار إليها فلم يجد بها أحدًا فأقام وعاد إلى المدينة، ثم بعث إليه خالدًا السنة التاسعة للهجرة فأخذه أسيرًا وفتح الله عليه دومة.
وقال ابن سعد في كتاب وفادات العرب (ص٢٧) بعد ذكره يحنه بن رؤبة صاحب أيلة: "قال ورأيت أكيدر حين قدم به خالد وعليه صليب من ذهب وعليه الديباج ظاهرًا" وفي معجم البلدان لياقوت (٢: ٦٢٦) أن خالدًا حاربه السنة تسع للهجرة وافتتح دومة الجندل عنوة وقتل أخاه حسان قال: "ثم أن النبي صالح أكيدر على دومة وأمنه وقرر عليه وعلى أهله الجزية وكان نصرانيًا.." وفي فتوح البلد للبلاذري (ص٦١ ٦٣) أنه أسلم ثم ارتعد بعد وفاة محمد فأجله مر من موضع منها قرب عين التمر وبني منازل سماها دومة باسم حصنة فغزاها خالد سنة ١٢ للهجرة وقتل أكيدر.
أما أهل دومة الجندل فكانوا من بني السكون وهم فرع من بني كندة وكانوا نصارى كما ورد في سيرة الرسول لابن هشام، وكذلك كان يسكن دومة الجندل قوم من بني كلب الذين سبق بيان نصرانيتهم.
"وادي القرى" هو واد بين الشام والمدينة يعد من الحجاز ومنه كانت دومة الجندل ودعي هذا الوادي بوادي القرى لكثرة القرى الواقعة فيه لوفرة مياهه وخصبه منها الحجر وكان اليهود يسكنون هذا الوادي أولًا ثم نزلته قضاعة وهي من اثبت القبائل في النصرانية ومنهم بنو سليح الذي ذكر المؤرخون تنصرهم في الشام وفي وادي القرى كان يسكن قوم من الرهبان ذكرهم شعراء العرب قال جعفر بن شراة (الأغاني ٧: ١٦١):
ونحن منعنا ذا القرى من عدونا ... وعذرة إذ نلقى يهودًا وبعثرا
منعناه من عليا معد وأنتم ... سفاسيف روح بين قرح وخيبرا
فريقان رهبان بأسفل ذي القرى ... وبالشام عرافون فيمن تنصرا
"تيماء" هي بلدة في الحجاز بين الشام ووادي القرى وفيها كان الأبلق حصن السموءل والشائع أن السموءل كان يهوديًا إلا أننا لما طبعنا لأول مرة ديوانه أتينا في المقدمة ببعض الشواهد المثبتة نصرانيته (كاصله الغساني وكذكره في شعره لبعض تلامذة المسيح بل تصريحه باسم السيد المسيح في قصيدة لامية وجدت في الموصل حيث يقول:
وفي آخر الأزمان جاء مسيحنا ... فأهدى بني الدنيا سلام التكامل
ولعل الصواب أنه كان من إحدى الشيع اليهودية المتنصرة (judeo ... chretien) .
وقد ذكر العرب أن قومًا من نصارى طي كانوا أيضًا يسكنون تيماء.
"تبوك" مكان حصين بين وادي القرى والشسام على اربع مراحل من الحجر كان به عين أو نخل، وملكة المسلمون سنة ٩ للهجرة بهد أن حاربوا فيه الروم ومعهم نصارى العرب من عاملة ولخم وجذام، وكان أهل تبوك من نصارى قضاعة قال ابن خلدون نقلًا عن ابن سعيد (٢: ٢٤٩): "وكان لقضاعة ملكٌُ آخر في كلب ابن وبرة بن تغلب بتداولونه مع السكون من كندة فكانت لكلب دومة الجندل وتبوك ودخولوا في دين النصرانية" ثم ذكر مهاجرة كلب بعد الإسلام فقال:
1 / 48