وروى القديس إيلاريوس في رسالته إلىى قسطنطين الملك (٢ فرعًا من أشياع ريوس ظهروا ف جهات العرب وهو يدعوهم أقاقيين باسم أقاقيوس زعيمهم كانوا يذهبون إلى أن السيد المسيح هو ابن الله لزعمهم أن من قال ذلك جعل الله زوجة فخلطوا بين الولادة لجسدية والولادة الإلهية الروحية الأزلية المثبتة في الكتب المنزلة.
وقد ذكر حضرة الأب انستاس الكرملي في إحدى المقالات المنشورة في الشرق (٦:٦٠) بدعة أخرى ومنها بقايا في العراق تعرف بالداؤدة أو الدواديين يعظم أصحابها داود النبي ويكرمون السيد المسيح كنهم يجعلونه دون رتبة داود فكل هذه البدع وغيرها التي شاعت خصوصًا بين القبائل اليهودية المتنصرة الساكنة في حدود الشام والحجاز شوهت المعتقدات النصرانية الصحيحة في تلك البلاد.
وبقي الأمر على ذلك حتى قدمتبيفتنيوس في كتاب البدع. في كتاب البدع. إلى يثرب بطون من عرب اليمن كبني الحرث ابن بهثة وبني شظية من غسان ولاسيما بني الأوس والخزرج من الأزد الذين لحقوا بها بعد سيل العرم، لكنهم أقاموا فيها روى صاحب الأغاني (١٩: ٩٥) في جهد وضيق المعاش يرتزقون من الزراعة وكانت الأموال لليهود حتى قام بينها في أواسط القرن السادس للمسيح أحد شيوخهم وهو مالك بن عجلان فأوفد إلى ملك في الشام من ملوك غسان يدعى أبا جبيلة فاستنجده على يهود يثرب فانجده واقعًا بإشراف اليهود حتى ذلوا وصار الأمر إلى الأوس والخزرج حروب رواها صاحب الأغاني (٢: ١٦٧ ١٧٠) لا حاجة إلى ذكرها.
أما دين الأوس والخزرج وبقية القبائل غير اليهودية التي كانت في يثرب وجهاتها فيظهر أنه كل في أول أمرها الشرك وأنها كانت تعبد المناة كما روى الشهرستاني في كتاب الملل والنحل (ص٤٣٤ من طبعة لندن) لكنها عدلت بعد ذلك إلى النصرانية، ولنا على الأمر أدلة نرويها هنا عن مصادر موثوق بها.
قد رأيت في أول هذا الباب أن دعاة المسيحي دخلوا بلاد الحجاز منذ قرون النصرانية الأولى روى أول مؤرخ الإسلام أبو جرير تقليدًا عن أهل المدينة ذكروا فيه وجود قير لأحد رسل السيد المسيح في جبل العقيق لمجاور لبلدهم (راجع ص١٠٧) .
ومن الأدلة على نصرانية عرب المدينة أن الأوس والخزرج ينتسبون إلى الحارث ابن ثعلبة فيرتقي نسبهم إلى بني غسان، ونصرانية غسان ثابتة لا يشك فيها إلا من كابر الحق كما رأيت، أفليس من الصواب أن يقال أن الأوس والخزرج دانو بديانة غسان، وزد على ذلك أن أبا جبيل الغساني ماك الشام المعروف بنصرانيته ما كن لينصر وزد على ذلك أبا جبيلة الغساني ملك الشام المعروف بنصرانيته ما كان لنصر الأوس والخزرج على يهود المدينة كما مر بك لولا علمه أنهم يدينون بدينه.
ولنا على ذلك برهان آخرأقرب وأدل وهو الاسم المطلق على أهل مدينة يثرب الذين كانوا يدعون بتهل الكتاب، قال الشهرستاني في الملل والنحل (ص١٦٢ من طبعة لندن): "الفرقتان المتقابلتان قبل المبعث هم أهل الكتاب والأميون والأمي من لا يعرف الكتابة فكانت اليهود والنصارى بالمدينة والأميون بمكة" فينتج عن قوله هذا أت أهل المدينة كانوا منقسمين قسمين قسم يهودي كقريظة والنضير وقسم نصراني وهم عرب الأوس والخزرج وقضاعة الذين كانوا يسكنون المدينة بل ربما غلب اسم أهل الكتاب على لنصارى كما أفاد القسطلاني، ويؤيد لك أن أحد زعماء الأوس يوم مهاجرة محمد إلى المدينة كان يدعي "أبا عامر الراهب" وفي اسمه دليل على دينه، فهذا حارب محمدًا وأنصاره في أحد ثم خرج مع آله إلى ثقيف وهو الذي سماه رسول الإسلام بالفاسق.
وجاء في التقويم القديم للكنيسة الكلدانية الذي نشره الخوري بطرس عزيز سنة ١٩٠٩ (ص٨) أن النساطرة "أقاموا مطرو وبوليطًا وموسى الكليم" وهي رواية وجدناها في تقويم آخر مخطوط لأحد أهل الموصل والله أعلم بصحتها.
1 / 50