Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript
مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط
Maison d'édition
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
Lieu d'édition
https
Genres
يصلِّي المغربَ، ثمَّ يرجع النَّاس إلى أهليهم ببني سلمة وهم يبصرون مواقع النَّبْل حين يُرمى بها»، قال أبو حاتم: الصحيح مرسل.
وعن أبي طَريف: «كنتُ معَ النَّبِيِّ ﷺ حينَ حاصرَ الطائفَ، فكانَ يصلِّي بنا صلاةَ البصر، حتَّى لو أنَّ رجلًا رمى بسهمٍ لرأى موضعَ نَبْلِه»، قال أحمد بن حنبل: صلاة البصر المغربُ. وعند أحمد من حديث جابر ﵁ ولفظه: «نأتي بني سلمةَ ونحنُ نبصرُ مواقعَ النَّبْل»، وعند الشَّافعي من حديثه عن إبراهيم: «ثمَّ نخرجُ نتناضل حتَّى ندخل بيوت بني سلمة فننظر مواقعَ النَّبْل من الإسفار»، وعند النَّسائي بسند صحيح عن رجل من أسلَّم: «أنَّهم كانوا يصلُّون مع النَّبِيِّ ﷺ المغرب، ثمَّ يرجعون إلى أهليهم إلى أقصى المدينة، ثمَّ يرمون فيبصرون مواقع نَبْلِهم»، وعند الطَّبَرَاني في «المعجم الكبير» من زيد بن خالد: «كنَّا نصلِّي معَ النَّبِيِّ ﷺ المغربَ ثمَّ ننصرف حتَّى نأتي السوقَ وإنَّا لنرى مواضعَ النَّبْل»، وعن أمِّ حبيبة بنت أبي سُفْيان نحوه، ذكره أبو علي الطُّوسي في «الأحكام». فإن قلت: وردت أحاديث تدلُّ على تأخيره إلى قرب سقوط الشَّفق. قال العَيني: هذه لبيان جواز التأخير.
ثمَّ اختلفوا في خروج وقت المغرب، فقال الثَّوْري وابن أبي ليلى وطاوس ومَكْحول والحسن بن حيٍّ والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وإِسْحاق وداود: إذا غاب الشَّفق، وهو الحمرة، خرج وقتها. وممن قال ذلك أبو يوسف ومحمَّد، وقال عُمَر بن عبد العزيز وعبد الله بن المبارك والأوزاعي في رواية، ومالك في رواية، وزُفَرُ بن الهُذَيل وأبو ثور والمبرِّد والفرَّاء: لا يخرج حتَّى يغيب الشَّفق الأبيض، ورُوي ذلك عن أبي بكر الصِّدِّيق ﵁ وعائشة وأبي هريرة ومعاذ بن جبل وأُبَي بن كعب وعبد الله بن الزُّبَيْر ﵃، وإليه ذهب أبو حنيفة، وقال ابن المنذر: كان مالك والأوزاعي والشافعي يقولون: لا وقت لها إلَّا وقتًا واحدًا إذا غابت الشَّمس. وقد رُوِّينا عن طاوس إنَّه قال: لا تفوت المغرب والعشاء حتَّى الفجر، ورُوِّينا عن عطاء إنَّه قال: لا تفوت المغرب والعشاء حتَّى النَّهار.
٥٦٠ - قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ) أي بُنْدَار، ترجمته في باب ما كان النَّبِيُّ ﷺ يتخوَّلهم بالموعظة كيلا ينفروا.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ) أي غُنْدَر، ترجمته في باب ظلم دون ظلم.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي ابن الحجَّاج، ترجمته في باب يتلو باب أمور الإيمان.
قوله: (عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ) أي ابن عبد الرحمن بن عَوْف، ترجمته في باب الرجل يوصي صاحبه.
قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرو بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ) أي أبو عبد الله ﵃ أجمعين، ترجمته في باب (^١).
قوله: (قَدِمَ الحَجَّاجُ) أي -بفتح الحاء المهملة وتشديد الجيم وآخره جيم- ابن يوسف الثَّقَفي والي العراق. قال شيخنا: وصدَّر الكِرْماني كلامه أنَّ الرواية بضمِّ أوَّله، قال: وهو حاجٌّ، وهو تحريف بلا خلاف؛ فقد وَقَعَ في رواية أبي عَوانة في «صحيحه» من طريق أبي النَّضر عن شُعْبَة: سألنا جابر بن عبد الله في زمن الحجَّاج وكان يؤخِّر الصَّلاة عن وقت الصلاة. وفي رواية مسلم من طريق معاذ
(^١) لم يذكر اسم الباب في المخطوط، بل ترك بياضًا بمقدار كلمتين أو ثلاثة.
عن شُعْبَة: كان الحجَّاج يؤخِّر الصَّلوات. انتهى.
قال العَيني: لم يقل الكِرْماني: إنَّ الرواية بضمِّ أوَّله، وإنما قال: الحجَّاج بضمِّ الحاء جمع الحاجِّ، وفي بعضها بفتحها، وهو ابن يوسف الثَّقَفي، وهذا أصحُّ ذكره مسلم، ولم يقف الكِرْماني على الضمِّ، بل نبَّه على الفتح ثمَّ قال: وهذا أصحُّ. انتهى.
قال شيخنا: أخذ العَيني كلامي بعينه - أي في الكلام على هذا المحل - ونسبه لنفسه، وتعقَّب كلامي بما يضحك منه؛ لأنَّ حاصله: لم يقل الكِرْماني إنَّ الرواية بالضمِّ، بل نبَّه على الفتح ثمَّ قال: وهذا أصحُّ، فكأن العَيني لا يدري أنَّ من قال الحجَّاج بضمِّ الحاء جمع حاج، وفي بعضها بالفتح، قال: إنَّ الرواية وقعت بالضمِّ وبالفتح، وهي بالفتح أصحُّ، وإلَّا فما معنى أصحُّ؟! والرواية في هذا الحديث بالضمِّ لا تؤخذ عن موثوق به من أهل الرواية ولا غير موثوق به إلَّا ما وَقَعَ في عبارة الكِرْماني، أفما يستحي العَيني من هذا الانتصار البارد، ثمَّ لا يكتفي بالردِّ على السَّابق حتَّى يجعل مصحوبًا بالإغارة على كلام من نبَّه على ما يقع في كلام غيره من الخطأ؟! فإذا كان عنده لا يوثق به فكيف يأخذ كلامه بعينه ويرتضيه ويجزم به وينسبه لنفسه؟! وإن كان يوثق به فكيف يبالغ في التَّعسُّف في ردِّ كلامه مع ظهور صوابه؟! ومن أراد العجب فليتأمَّل ما استعلنه في هذا الشرح خصوصًا في هذا الباب. انتهى.
وكان قدوم الحجَّاج المذكور ههنا إلى المدينة واليًا من قِبل عبد الملك بن مروان سنة أربع وسبعين، وذلك عُقيب قتل ابن الزُّبَيْر ﵄، فأمَّره عبد الملك على الحرمين، ثمَّ نقله بعد هذا إلى العراق.
قوله: (فَسَأَلَنا جَابرُ بنُ عَبْدِ اللهِ) أي ابن زيد، ترجمته في بدء الوحي، قال العَيني: لم يبيِّن المسؤول ما هو تقديره، فسألنا جابر بن عبد الله عن وقت الصلاة، وقد فسَّره في حديث أبي عَوانة في «صحيحه» من طريق أبي النصر عن شعبة: سألنا جابر بن عبد الله في زمن الحجَّاج وكان يؤخِّر وقت الصلاة.
قوله: (بِالهَاجِرَةِ) الهاجرة: شدَّة الحرِّ، والمراد بها نصف النَّهار بعد الزوال، سمِّيت بها لأنَّ الهجرة هي الترك، والناس يتركون التصرف حينئذ لشدَّة الحرِّ لأجل القيلولة وغيرها، فإن قلت: ظاهره يعارض حديث الإبراد؛ لأنَّ قوله: (كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهَاجِرَةِ) يشعر بالكثرة والدوام عرفًا.
قال ابن دقيق العيد: ويُجمع بين الحديثين بأن يكون أطلق الهاجرة على الوقت بعد الزوال مطلقًا لأن الإبراد كما تقدَّم مفيد بحال شدَّة الحرِّ وغير ذلك كما تقدَّم، فإن وُجِدَتْ شروط الإبراد أبرد، وإلا عجَّل، فالمعنى: كان يصلِّي الظهر بالهاجرة إلَّا إنَّ احتاج إلى الإبراد. قال شيخنا: وتعقِّب بأنَّه لو كان ذلك مُرَاده لفصَّل كما فصَّل في العشاء، والله أعلم. انتهى.
قوله: (وَالعَصْرَ) بالنَّصب، أي ويصلِّي العصر.
قوله: (وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ) أي بالنُّون، جملة اسميَّة وقعت حالًا على الأصل بالواو، ومعنى نقيَّة: أي خالصة صافية لم يدخلها بعدُ صفرة وتغيَّر. قلت: قال ابن الأثير في «النهاية»: والنقي المخ، يقال: نقيِّت العظم وانتقيته
1 / 82