قوله: "قال شيخ الإسلام أحمد بن علي: ما يقع من العامة من قولهم عند الشدائد: يا شيخ فلان.. إلى قوله: فأجاب بأنَّ الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين والأولياء والعلماء والصالحين جائزة وعلله بأنَّ معجزات الأنبياء وكرامة الأولياء لا تنقطع بموتهم"١.
أقول: هذا الكلام كما يقال: لحم جمل غث على جبل وعر لا سمينٌ فينتقى ولا سهلٌ فيرتقى.
أما قوله: "المعجزات لا تنقطع بالموت بمعنى أنَّ الله يحدثها للنبي ﵇ بعد موته فقد عرفت أنَّ المعجزة من شرطها مقارنة التحدي عند دعوى النبوة٢ والميت لا يدعي النبوة ولا يتحدى باتفاق العقلاء وكتبِ الله ورسله، قال عيسى ﵇ ﴿وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ﴾ ٣ وقال تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِين مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ ٤ فأيُّ دعوى للنبوة بعد الموت، وأيُّ تحدي، وأيُّ معجزة، ثمَّ هذه الاستغاثة معلوم يقينًا أنَّها بدعة٥، فلم يعلم أنَّه ﵌ استغاث برسول من أولي العزم ولا غيرهم عند الشدائد التي لاقاها؛ بل كان أعظم ما لاقاه منها يوم الطائف فكان دعاؤه
_________
١ انظر الفتاوى الكبرى الفقهية لأحمد بن علي الهيتمي (٢/٢٤) .
٢ وتقدم التنبيه على أنَّ هذا الاشتراط لا دليل عليه، لكن يبقى على المدعِّي أنَّ الكرامة لا تنقطع بموت الأنبياء أو الأولياء ذكرُ الدليل على دعواه ثم مع ذلك فيقال: ما صلة ثبوت الكرامة لهم بعد موتهم بجواز الاستغاثة بهم ودعائهم مع الله؟!.
٣ سورة المائدة، الآية ١١٧.
٤ سورة آل عمران، الآية ١٤٤.
٥ بل شرك بالله العظيم.
1 / 90