الدعاء المعروف واللجأ إلى الله تعالى١، وكذلك أصحابه من بعده لا يعلم عن أحد منهم أنَّه استغاث به ﵌ بعد موته، ولا يمكن أحدٌ يأتي بحرفٍ واحدٍ عن أصحابه أنَّه قال: يا رسول الله ويا محمد مستغيثًا به عند شدة نزلت به؛ بل كلٌّ يرجع عند الشدائد إلى الله تعالى٢، حتى عُباد الأصنام إذا مسهم الضر في البحر ضل من يدعون إلا إياه٣، وهذا خليل الله إبراهيم لما أرمي به إلى النار لاقاه جبريل في الهواء فقال له: هل من حاجة؟ قال: أما إليك فلا٤. وهذه الأدعية النبوية المأثورة قد ملأت كتب الحديث ليس منها حرفٌ واحدٌ فيه استغاثةٌ بمخلوق وسؤالٌ بحقه. وقد ذكر ابن القيم في مدارج السالكين أنَّه ورد في أثرٍ إسرائيلي أنَّ داود ﵇ قال:"يارب أسألك بحق آبائي عليك،
_________
١ حديث ذكر شدة ما لقيه ﷺ من قومه يوم الطائف ثابتٌ في الصحيحين [البخاري (٦/٣١٢ فتح) ومسلم (٣/١٤٢٠)] من حديث عائشة ﵂، أمَّا الدعاء المشهور الذي يشير إليه الصنعاني، وهو قوله: "اللهم إليك أشكو ضعف قوَّتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ... " فلم يثبت عن النبي ﷺ من طريق صحيحة، وانظر تفصيل القول في ذلك في كتاب "دفاع عن الحديث النبوي والسيرة ..." للألباني (ص١٩) .
٢ راجع في هذا: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية (ص:٢٥٦ وما بعدها) .
٣ يشير إلى قوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاه﴾ الإسراء، الآية ٦٧.
٤ قال ابن كثير في تفسيره (٥/٣٤٥): "وذكر بعض السلف أنَّه عرض له جبريل وهو في الهواء فقال: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا، وأما من الله فبلى". وقد رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٠/٤٥) عن معتمر بن سليمان التيمي عن بعض أصحابه.
1 / 91