أقول: أيْ من أنَّ الولي هو يقول للشيء كن فيكون.
قلت: سبحانك هذا بهتان عظيم، بينما المجيب يخوض في إثبات الكرامة لولي صار الكلام في إثبات خواص الإلهية له١، والحال أنَّ الرسل الذين هم الهداة للأمم وباتباع شعاع أنوارهم صار الولي وليًا إذا قالت لهم الأمم يأتون بآية يقولون: إنَّما الآيات عند الله، ويأمر أفضل رسله ﵌ أن يقول: ﴿قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَآءَ اللهُ﴾ ٢ ونهاه أن يقول لشيء إنِّي فاعل ذلك غدًا إلا أن يشاء الل؟. وهؤلاء يقولون أمر الولي بين الكاف والنون، وهذا غلو كغلو النصارى في المسيح أو نوع من الجنون، وقد اختلفت أئمة الأصول هل يجوز أن يفوض الله إلى رسوله ﵌ حكمًا من الأحكام الشرعية٣ فكيف إطلاق التصرف في الأكوان إيجادًا أو إعدامًا في الأمور الكونية، وبالجملة فرد هذا الهذيان لا يحتاج إلى دليل من سنة ولا قرآن، إنَّما يحتاج إلى عقل يفرق بين خالق الأكوان وبين الإنسان.
_________
١ قال شيخ الإسلام: "لكن من الناس من يُدَّعى له من الكرامات ما لا يجوز أن يكون للأنبياء، كقول بعضهم: إنَّ لله عبادًا لو شاءوا من الله أن لا يقيم القيامة لما أقامها، وقول بعضهم: أنَّه يعطى كن، أيُّ شيء أراده قال له كن فيكون، وقول بعضهم: لا يعزب عن قدرته ممكن، كما لا يعزب عن قدرة ربه محال، فإنَّه لما كثر في الغلاة من يقول بالحلول والاتحاد وإلهية بعض البشر كما قاله النصارى في المسيح، صاروا يجعلون ما هو من خصائص: الربوبية لبعض البشر، وهذا كفر". النبوات (ص:٤٠٥، ٤٠٦) .
٢ سورة يونس، الآية ٤٩.
٣ انظر في هذه المسألة: البحر المحيط للزركشي (٦/٢١٤ وما بعدها)، وشرح الكوكب المنير لابن النجَّار (٤/٤٧٤ وما بعدها) .
1 / 89