الإنصاف في حقيقة الأولياء ومالهم من الكرامات والألطاف
تأليف: محمد بن إسماعيل الصنعاني
تحقيق: عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإنَّ من أصول أهل السنة والجماعة الإيمانَ بكرامات الأولياء وإثباتَها والتصديقَ بها واعتقادَ أنَّها حق، وذلك "باتفاق أئمة أهل الإسلام والسنة والجماعة، وقد دلَّ عليها القرآن في غير موضع، والأحاديث الصحيحة، والآثار المتواترة عن الصحابة والتابعين وغيرهم"١
ولذا أودع أهل السنة والجماعة ﵏ هذا الأصل العظيم في كتب المعتقد؛ ليُدرس ويُتعلم في ضمن أصول أهل السنة، بل إنَّ من الأئمة من أفرده بالتصنيف كأبي بكر الخلال وابن الأعرابي وابن أبي الدنيا واللالكائي وغيرهم.
وقد انقسم الناس في هذا الأصل إلى أقسام ثلاثة طرفين ووسط٢:
_________
١ مختصر الفتاوى المصرية (ص:٦٠٠) .
٢ ولِي في هذا رسالة بعنوان "كرامات الأولياء بين الغلو والجفاء" يسر اللَّه إكمالها ونشرها.
1 / 5
١- فقسم غلوا في شأن الكرامة وأفرطوا وتجاوزوا فيها الحد وهم المتصوفة حيث ادَّعوا باسم الكرامة للأولياء ما هو من خصائص الله وحده؛ كقول بعضهم: إنَّ لله عبادًا لو شاءوا من الله ألا يقيم القيامة لما أقامها، وقول بعضهم: إنَّه يعطى في أيّ شيء أراده قول كن فيكون، وقول بعضهم: لا يعزب عن قدرته ممكن كما لا يعزب عن قدرة ربه محال إلى غير ذلك من الضلالات الواضحة والكفريات الظاهرة، التي يدَّعيها هؤلاء باسم الكرامة.
٢- قسم جفوا في شأنها وفرَّطوا، فقالوا بإنكار الكرامة، ونفوا وقوعها وهم المعتزلة ومن تأثر بهم وزعموا أنَّ الخوارق لو جاز ظهورها من الأولياء لالتبس النبي بغيره إذ فرق ما بينهما عندهم إنَّما هو المعجزة، وبنوا على ذلك أنَّه لا يجوز ظهور خارق إلا لنبيّ.
٣- قسم أهل وسط واعتدال، وهم الخيار العدول؛ لتوسطهم بين الطرفين المذمومين، حيث ارتفعوا عن تقصير المفرطين، ولم يلحقوا بغلو المعتدين، وهم أهل السنة والجماعة، فأثبتوا الكرامات للأولياء على ضوء النصوص ووَفْقِ الأدلةِ دون غلو أو جفاء أو إفراط أو تفريط. وفي هذا الموضوع المهمّ كتب الإمام الصنعاني ﵀ هذه الرسالة التي بين أيدينا والتي أسماها (الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف) صنفها ﵀ ردًّا على عصري له غلا في شأن الأولياء وكرامتهم، وادَّعى أنَّ لهم ما يريدون، وأنهم يقولون للشيء كن فيكون، وأنَّهم يخرجون من القبور لقضاء الحاجات، وأنَّهم في قبورهم يأكلون ويشربون وينكحون، إلى أمور أخرى عجيبة تمجُّها الأسماع، وتقذفها الأفهام، وينكرها من لديه بالشرع أدنى اطلاعة أو إلمام.
1 / 6
وقد بيَّن الصنعاني ﵀ في ردّه هذا ما في كلام هذا المبطل من تناقض، وأوضح ما فيه من غلو في الأولياء المزعومين [من أوتاد وأنجاب وأقطاب وأغواث] وما خالف فيه بهذه البدعة من أدلة الكتاب والسنة.
وإن كان ﵀ قد جنح في كتابه هذا إلى قول أبي إسحاق الإسفرايني ومن قبله المعتزلة من أنَّ الكرامة إنما تكون في غير الأمر الخارق للعادة، وهو قول مخالف للحق والصواب، وسيأتي الكلام عليه ومناقشته وبيان بطلانه في الدراسة الآتية عن موضوع الكتاب١.
ولم يكن هذا مانعًا - فيما أرى - من الإفادة من مادة الكتاب العلمية الجيدة في الرد على المتصوفة وأضرابهم ممن غلوا في الأولياء، مع التنبيه في هامشه إلى ما يحتاج إلى تنبيه.
وقد كنت بادئ الأمر متردّدًا في تحقيق ونشر هذا الكتاب نظرًا لما فيه من أخطاء ومخالفات ليست باليسيرة غير أنَّه دفعني لذلك أمران:
الأول: اشتماله على ردود جيدة ومناقشات مفيدة مع المتصوفة الذين غلوا في الأولياء وكراماتهم غلوًّا شديدًا.
الثاني: خشية أن تقوم بعض دور النشر بطبعه على علاته وأخطائه دون تنبيهٍ على ما فيه أو كشفٍ لخوافيه، اعتمادًا على مكانة مؤلفه.
هذا وقد جعلت بين يدي الكتاب دراسة موجزة للمؤلف وأخرى للكتاب نبَّهت فيها على جوانب مهمة في الموضوع، راجيًا من الله الكريم
_________
١ انظر ص: ٢٧ وما بعدها.
1 / 7
القبول والتوفيق، كما أرجوه سبحانه أن يغفر لمؤلفه ومحققه وقارئه ووالدينا وجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنَّه سميع الدعاء، وأهل الرجاء، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
1 / 11
دراسة موجزة عن المؤلف
١- نسبه:
هو محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد بن علي بن حفظ الدين ابن شرف الدين بن صلاح بن الحسن بن المهدي بن محمد بن إدريس ابن علي بن محمد بن أحمد بن يحيى بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن الحسن ابن عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ﵁.الكحلاني ثم الصنعاني المعروف بالأمير، ويكنَّى بأبي إبراهيم.
٢- مولده:
ولد ليلة الجمعة نصف جمادى الآخرة سنة ١٠٩٩؟ بكحلان، ثم انتقل مع والده إلى مدينة صنعاء سنة ١١٠٧؟، وأخذ عن علمائها.
٣- شيوخه:
أخذ الصنعاني العلم عن شيوخ كثيرين منهم:
١- زيد بن محمد بن الحسن.
٢- صلاح بن الحسين الأخفش.
٣- عبد الله بن علي الوزير.
٤- علي بن محمد العنسي.
1 / 12
٤- رحلاته:
رحل إلى مكة والمدينة وقرأ الحديث على العلماء فيهما.
٥- مؤلفاته:
له ﵀ من التصانيف ما يربو على المائتين، منها:
١- سبل السلام شرح بلوغ المرام.
٢- منحة الغفار على ضوء النهار.
٣- العدة شرح العمدة.
٤- التنوير شرح الجامع الصغير.
٥- قصب السكر نظم نخبة الفكر.
٦- تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد.
٧- إيقاظ الفكرة لمراجعة الفطرة.
وقد اعتنى غير واحد بجمع مؤلفات الصنعاني ﵀، منهم الدكتور عبد الله شاكر الجنيدي في تحقيقه لكتاب "إيقاظ الفكرة ... " وبلغ عدة ما ذكر (٢٢٩) مؤلفًا.
٦- تلاميذه:
تلقى العلم على الصنعاني ﵀ جمعٌ غفيرٌ من طلاب العلم منهم:
١- عبد القادر بن أحمد.
٢- أحمد بن محمد قاطن.
٣- أحمد بن صالح بن أبي الرجال.
1 / 13
النص المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي له الملك والملكوت، الحي الجبار الذي لا يموت، الذي لم يتخذ صاحبةً ولا ولدًا ﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ ١، فليس للعبد تصرفٌ مع مولاه، ولا له تقدمٌ بين يديه، ولا شفاعةٌ، ولا غيرها إلا بإذنه ورضاه، والصلاة والسلام على من تركنا على الواضحة البيضاء ليلها كنهارها، وأشرقت شمس نبوته فامتلأت الأرض بأنوارها.
أخرج ابن ماجه عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال: "خرج علينا رسول الله ﵌ ونحن نتذاكر الفقر ونتخوَّفُه، فقال: آلفقر تخافون؟ والذي نفسي بيده لتُصبنَّ عليكم الدنيا صبًّا، حتى قال: لقد تركتكم على البيضاء ليلها ونهارها سواء" ٢، [قال أبو
_________
١ سورة مريم الآية ٩٣
٢ سنن ابن ماجه (١/٤) قال حدثنا هشام بن عمار الدمشقي حدثنا محمد بن عيسى بن سميع حدثنا إبراهيم بن سليمان الأفطس عن الوليد بن عبد الرحمن الجريش عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء فذكره.
ورواه ابن أبي عاصم في السنة (١/٢٦) عن هشام بن عمار به.
قال الألباني حفظه اللَّه في تخريجه: "حديث صحيح، رجاله ثقات على ضعف في إبراهيم ابن سليمان الأفطس وهشام بن عمار، لكنه ينجبر بالحديث الذي بعده".
أي مارواه ابن أبي عاصم وغيره عن العرباض بن سارية قال: قال رسول اللَّه ﷺ: "لقد تركتكم على مثل البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ بعدي عنها إلا هالك".
1 / 39
الدرداء: صدق والله رسول الله، لقد تركنا على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء] ١. وعلى آله الذين بهديه يهدون، وبه يقتدون.
واعلم أنَّه ﵌ قد حذر أمته من الابتداع لما أعلمه الله من أنَّ أمته تأتي من الابتداع٢ بأجناس وأنواع، فقال ﵌: "شر الأمور محدثاتها، وكلُّ محدثة بدعة، وكلُّ بدعة ضلالة" ٣، وقال: "خير الأمور كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها، وكلُّ بدعة ضلالة" ٤، وقال: "لا يقبلُ الله لصاحب بدعة صومًا، ولا صلاةً ولا صدقة ولا حجًا ولا عمرةً، ولا جهادًا، ولا صرفًا، ولا عدلًا، يخرج من الإسلام كما تخرج الشَّعرةُ من العجين" ٥، أخرج هذه الأحاديث ابن ماجه وغيُره.
قلت: ووجه عظمة الابتداع في الدين أنَّه كالرد على قول الله ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
_________
١ زيادة من نسخة (ب) .
٢ في (أ) " بالابتداع " والتصويب من (ب) .
٣ جزء من حديث العرباض بن سارية ﵁، وقد روا هـ الاٍمام أحمد في المسند (٤/١٢٦) والترمذي (٥/٤٥) وأبودواد (٥/١٣) والدارمي (١/٤٤) والبغوي في شرح السنة (١/٢٠٥) والحاكم (١/٩٦) وابن حبان (الإحسان١/١٠٤) وابن أبي عاصم في السنة (١/١٩) . وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح" وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين". وصححه الألباني في الإرواء (٨/١٠٧) .
٤ جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه (٢/٥٩٢) من حديث جابر بن عبد اللَّه ﵁.
٥ رواه ابن ماجه في سننه (١/١٩) قال حدثنا داود بن سليمان العسكر ي ثنا محمد بن علي أبو هاشم بن أبي خداش الموصلي قال حدثنا محمد بن محصن عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد اللَّه بن الديلمي عن حذيفة قال قال رسول اللَّه ﷺ فذكره. وفي إسناده محمد بن محصن قال الحافظ في التقريب: "كذبوه".
ولذا حكم عليه الألباني حفظه اللَّه في السلسلة الضعيفة (٣/ ٦٨٤) بأنَّه موضوع.
1 / 40
الإِسْلامَ دِينًا﴾ ١ فالابتداع بزيادة٢ في الدين أو نقصان منه، فلهذا عظم شأن البدعة في الدين، وخرج٣ بها صاحبها من الدين كما تخرج الشعرة من العجين.
وبعد:
فإنَّي وقفتُ على رسالة جواب سؤال عن شأن الأولياء الأحياء منهم والأموات، وما هو لهم من الأحوال والكرامات، فقضى الجواب فيها أنَّ للأولياء ما يريدون، وأنَّهم ممن يقول لأيِّ شيء أرادوه كن فيكون، وأنَّهم من القبور لقضاء الحوائج يخرجون، وأنَّهم لمواقف جهاد الكفار يحضرون، وأنَّ العلماء منهم بعد الموت للعلوم يدرسون، وأنَّ الخضر أخذ عن أبي حنيفة علوم الشريعة بعد أنْ ضمه الرُّخام، ولازم قبره خمسة عشر من الأعوام٤، وأنَّهم ينكحون في القبور، ويأكلون، ويشربون، ويطعمون، ولهم ما يشتهون، ومن هذا الكلام الذي تمجه الأسماعُ، وتقذفه الأفهامُ.
فتعين إيقاظُ أهل الغفلة [٥٩٧] والمنام من القاصرين والعوام ببيان حقيقة الولي، وما ورد في صفته من الآثار، وبيانه من الكتاب والسنة والأخبار، ثم بيان رد ما أورده المجيب من الهذيان، وأنَّه جعل الأولياء من جملة الأصنام والأوثان، ووصفهم بأنَّهم كالإله تقدس وتعالى يقولون للشيء كن فكان.
_________
١ سورة المائدة، الآية ٣.
٢ في نسخة (ب): " من زيادة ".
٣ في (أ): " شأن البدعة الذي خرج بها.. " والتصويب من (ب) .
٤ في (ب) " ولازم بين خمسة عشر من الأعوام " وهو تصحيف.
1 / 41
فرأيته يتعين إبانةُ الصواب، وبيان حقيقة ما افتراه من الأوتاد والأنجاب والأقطاب، وما خالف فيه بهذه البدعة من أدلة السنة والكتاب، أرجو ببيان ذلك الإثابةَ من الرب الوهاب، والهداية لمن هو من أولي الألباب، وأمَّا من غلب عليه الابتداع، وخالف طريقة من هم للكتاب والسنة أتباع، فإنَّه يسد عمَّا نلقيه الأسماع، والواجب علينا١ هو البلاغ المبين، وأمَّا الهداية والتوفيق فمن رب العالمين.
فنقول:
قوله: "نعم أولياء الله، وهم العارفون به حسبما يمكن، المواظبون على الطاعات، والمعرضون عن الانهماك في اللذات والشهوات".
أقول: هذا رسم٢ لحقيقة٣ الأولياء، وهذا اللفظ نقله من شرح المحلي على جمع الجوامع٤، إلا أنَّه فاته٥ قوله: "المجتنبون للمعاصي" وهو قيد لا بد منه اتفاقًا، فكأنَّه وقع من سقط القلم.
والانهماك يقال: همكه في الأمر فانهمك لَجَّجَهُ فلج، كما في القاموس٦، وفسر اللجاجة بالخصومة٧. ولا يظهر مناسبتها لما هنا، وهي عبارة المحلي.
_________
١ في (ب) " عليها " وهو تصحيف.
٢ الرسم: في علم المنطق هو: تعريف الشيء بخصائصه. انظر: المعجم الوسيط (١/٣٤٥) .
٣ في (أ) " بحقيقة ".
٤ جمع الجوامع في أصول الفقه وهو من تأليف عبد الوهاب بن علي ابن السبكي المتوفى سنة ٧٧١هـ، وله شروحات كثيرة منها: الشرح المذكور لجلال الدين محمد بن أحمد المحلي الشافعي المتوفى سنة ٨٦٤ هـ. وانظر: جمع الجوامع مع شرحه للمحلي (٢/٤٢٠) .
٥ في (أ) " إلا أنَّه حذف منه ".
٦ القاموس المحيط (ص:١٢٣٧) .
٧ القاموس المحيط (ص:٢٦١) .
1 / 42
ثم هذا التفسير للولي هو الذي يفسرون به العدل، فإنَّه قال ابن حجر في شرح النخبة إنَّ العدل: "من له مَلَكَةٌ تحمِلُهُ على ملازمة التقوى والمروءة، والمراد بالتقوى: اجتناب الأعمال السيئة من شرك أو فسق أو بدعة"١ انتهى بلفظه، وقد فاته أيضًا فيه قيد لا بد منه في تفسير التقوى، وهو الإتيان بالواجبات، فإنَّه لا يكفيه فيه اجتناب السيئة٢، ولكنَّه كأنَّه لما قال: "من شرك أو فسق أو بدعة" علم أنَّه لو لم يأت بالواجبات ما صدق عليه اجتناب السيئات، وأيُّ: سيئة أعظم من ترك الواجبات.
وإذا عرفت هذا علمت أنَّ الولي عند العلماء هو العدل؛ لتلاقي التفسيرين، بل تعريف العدل أضيق؛ لأنَّه أخذ فيه الملكة، وأخذ فيه عدم التلبس ببدعة، وقد أوضحنا ما في تفسيرهم العدالة بما ذكر في مؤلفاتنا٣ كثمرات النظر في علم الأثر٤ وغيرها.
_________
١ انظر نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر لابن حجر (ص:٢٩) .
٢ ولهذا فإنَّ أحسن وأجمع ما عرفت به التقوى هو قول طلق بن حبيب ﵀ حيث قال: "هي العمل بطاعة اللَّه على نور من اللَّه رجاء ثواب اللَّه، وترك معاصي اللَّه على نور من اللَّه مخافة عذاب اللَّه". ذكره الذهبي في السير (٤/٦٠١) ثمَّ قال: "أبدع وأوجز، فلا تقوى إلا بعمل، ولا عمل إلا بترو من العلم والاتباع، ولا ينفع ذلك إلا بالإخلاص لله، لا ليقال: فلان تارك للمعاصي بنور الفقه، إذ المعاصي يفتقر اجتنابها إلى معرفتها ويكون الترك خوفًا من اللَّه، لا ليمدح بتركها، فمن داوم على هذه الوصية فقد فاز". وقال ابن القيم في أول الرسالة التبوكية (ص: ١٣): "وهذا من أحسن ماقيل في حد التقوى".
٣ في (ب) " مؤلفنا ".
٤ انظر: ثمرات النظر في علم الأثر للمؤلف (٥٣ وما بعدها) .
1 / 43
وأقول: اعلم أنَّ الله تعالى قد عرفنا بأوليائه في كتابه العزيز فقال: ﴿أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ ١ ثم فسرهم٢ تعالى بقوله: ﴿الذِينَءَامَنُوا ...﴾ الآية، فإنَّها مستأنفة استئنافًا بيانيًا كأنَّه قيل: من هم؟ فقال: ﴿الذِينَءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ .
يدل على ذلك٣ ما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد: "في قوله ﴿أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ قيل: من هم يارب؟ قال: ﴿الذِينَءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ "٤، وفسر النبي ﵌ الإيمان في حديث جبريل الذي أخرجه مسلم من حديث عمر حين جاء يسأله عن الإيمان، فقال ﵌: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" ٥ والحديث مأخوذ من قوله تعالى ﴿ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّءَامَنَ بِالله وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِن رُّسُلِهِ﴾ ٦ ولم يذكر في الآية إلا أربعة أركان
_________
١ سورة يونس الآية ٦٢.
٢ في (ب) " بشرهم ".
٣ في (ب) " يدل لذلك ".
٤ جامع البيان (٧/١٣٢) قال ابن جرير ﵀: "ولي اللَّه هو من كان بالصفة التي وصفه اللَّه بها وهو الذي آمن واتقى كما قال اللَّه ﴿الذِينَءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ ".
٥ صحيح مسلم (١/٣٧) .
٦ سورة البقرة الآية ٢٨٥
1 / 44
والحديث ستة١؛ لأنَّ من آمن بكتب الله ورسله [٥٩٨] فقد آمن باليوم الآخر، وبالقدر؛ أي: سَبْقُ تقدير كلِّ كائن، وإنَّما الحديثُ فَصَّلَ والآيةُ أَجملتْ بعض الإجمال، لأنَّه تعالى قال لرسوله: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ ٢ فبين بزيادة التفصيل لأركان الإيمان، وقد ذكر تعالى المؤمنون حقًا بقوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْءَايَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَواةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ ٣ ففسرهم بأنَّهم مَنِ اتصف بهذه الست الصفات، وأما المتقون فإنَّ الله تعالى بين مَنْ هم وفسرهم في صدر سورة البقرة حيث قال: ﴿هُدَى لِلْمُتَّقِينَ﴾ كأنَّه قيل من هم؟ قال: ﴿الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ويُقِيمُونَ الصَّلَواةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ ٤ فوصفهم بأنَّهم من اتصف بهذه الصفات الست، وهي صفاتٌ مركبة من أجزاء الإسلام ومن أجزاء الإيمان، كما أنَّ آية الأنفال حيث ذكر الله تعالى صفات المؤمنين حقًا مركبة من أجزاء النوعين، وذلك أنَّه ﵌ قال في
_________
١ بل الركن الخامس أشير إليه في الآية بقوله في تمامها ﴿وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ أي: المرجع والمآل، وهو اليوم الآخر.
٢ سورة النحل الآية ٤٤.
٣ سورة الأنفال الآيات ٢-٤.
٤ سورة البقرة الآيات ٢-٤.
1 / 45
حديث جبريل الذي تقدمت الإشارةُ إليه١، وقد قال له: ما الإسلام يا محمد؟ قال: "أن تشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا" الحديث. فجعل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من أجزاء الإسلام.
فالآيتان أشارتا بذكر بعض أجزاء الإسلام وهما إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة إلى اعتبار الإسلام بجميع أفراده، إلا أنَّهما خصتا أعظم أجزائهما البدنية والمالية، وتعلم الصوم والحج بالسنة التي وردت بيانًا للقرآن، فإنَّ بيانه بتفصيل مجمله، وتقييد مطلقه، وتفسير مبهمه وغير ذلك، وأشارتا بالإيمان وزيادته إلى اعتبار الإيمان بأجزائه، فأفادتا أنَّه لايكون العبد مؤمنًا إلا باستكماله لخصال الإسلام والإيمان، وأشارت آيةُ البقرة إلى أنَّ المتقين هم الجامعون بين الإسلام بقوله: ﴿الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَواةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ ٢ والإيمان بقوله: ﴿وَالذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾ الآية.
وإذا عرفت هذا فقد بين القرآن أولياء الله بيانًا شافيًا أنَّهم الذين جمعوا بين الإيمان والتقوى، ثم بين تعالى الإيمان وأجزاءه، والتقوى وأجزاءها.
_________
(ص: ٤٢)
٢ سورة البقرة الآية ٣ في الأصل "الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة" وهو خطأ.
1 / 46
ثم بعد تقرير هذا فلا ريب أن رتبة الإيمان تتفاوت١ إلى زيادة ونقصان حتى ينتهي الإيمان إلى مقدار مثقال الخردلة، كما وردت به الأحاديث النبوية الثابتة الصحيحة٢، وقد قرر في مجاله، كما أنَّ رتبة٣ التقوى تتفاوت.
فقد أخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب قال: "قال الحواريون يا عيسى بن مريم من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟ قال عيسى ﵇: الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، والذين نظروا إلى آجل الدنيا حين نظر الناس إلى عاجلها، فأماتوا فيها ما يخشون أن يميتهم، وتركوا ما علموا أنَّه سيتركهم، فصار استكثارهم منها استقلالًا، وذكرهم إياها فواتًا٤، وفرحهم بما أصابوا منها حزنا، وما عارضهم من نائلها رفضوه، وما عارضهم من رفعتها بغير الحق وضعوه، خَلِقَت الدنيا عندهم فليسوا يجددونها، وخربت بينهم فليسوا يعمرونها [٥٩٩] وماتت في صدورهم فليسوا يحيونها، يهدمونها فيبنون بها آخرتهم، ويبيعونها ويشترون بها ما يبقى لهم، رفضوها فكانوا برفضها الفرحين، وباعوها فكانوا ببيعها المربحين، ونظروا إلى أهلها صرعى، وقد خلت منهم المثلات، فأحيوا ذكر الموت، وأماتوا ذكر الحياة، يحبون الله تعالى، ويستضيئون بنوره، ويضيئون به، لهم خبر
_________
١ في (ب): " أنَّ رتب الإيمان متفاوتة ".
٢ انظر بسط هذه الأدلة في كتاب "زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه" لعبد الرزاق البدر.
٣ في (ب) " رتب ".
٤ في (أ): "موتًا".
1 / 47
عجيب، وعندهم خبر عجيب، بهم قام الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق وبه نطقوا، وبهم علم الكتاب وبه علموا، ليسوا يرون نائلًا مع ما نالوا، ولا أماني دون ما يرجون، ولا خوفًا دون ما يحذرون"١ انتهى.
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا: ﴿أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [قال: "هم:] الذين إذا رؤوا يذكر الله لرؤيتهم"٢.
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي عن عمرو بن الجموح أنَّه سمع النبي ﵌ يقول: "لا يستحق العبد صريح حق الإيمان حتى يحب لله ويبغض لله، فإذا أحب لله وأبغض لله فقد استحق الولاية من الله، وإنَّ أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم" ٣.
_________
١ الزهد للإمام أحمد (ص١٠٠)، ورواه أبو نعيم في الحلية ٠١/١٠) وابن أبي الدنيا في الأولياء (ص٤٠) وانظر الدر المنثور للسيوطي (٤/٣٧٠) وهو من الإسرائيليات، ووهب بن منبه ﵀ كما يقول الذهبي: "إنَّما غزارة علمه في الإسرائيليات، ومن صحائف أهل الكتاب" السير (٤/٥٤٥) .
وفي شأن الإسرائيليات عمومًا يقول شيخ الإسلام: "يجوز أن يروى منها مالم يعلم أنَّه كذب للترغيب والترهيب فيما يعلم أنَّ اللَّه تعالى أمر به في شرعنا ونهى عنه في شرعنا، فأمَّا أن يثبت شرعنا بمجرد الإسرائيليات التي لم تثبت فهذا لا يقوله عالم" الفتاوى (١/٢٥١) .
٢ رواه الطبراني في المعجم الكبير (١٢/١٣) عن شيخه الفضل بن أبي روح. قال الهيثمي في المجمع (٧/ ٣٦):"ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات" وانظر الدر المنثور للسيوطي (٤/٣٧٠)، وما بين المعكوفتين زيادة من المصادر.
٣ المسند (٣/٤٣٠)، نوادر الأصول (ص:١٤١)، ورواه ابن أبي الدنيا في الأولياء (ص٤١) . قال الهيثمي في المجمع (١/٨٩):"وفيه رشدين بن سعد وهو منقطع ضعيف".
1 / 48
وهذا المعنى كثيرٌ١ في الأحاديث كثرة واسعة. والمراد من قوله: "يحب لله" أي: يحب الطاعة؛ لأنَّ الله يحبها، ويبغض المعصية؛ لأنَّ الله يبغضها.
قال تعالى: ﴿وَلكِنَّ الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ ٢، وفي الحديث: "المؤمن من سرته حسنته، وساءته سيئته" ٣، وكذلك يبغض العاصي لعصيانه ويحب التقي لتقواه، فهذا هو الحب لله والبغض له.
وقوله: "الذين يذكرون بذكري" يحتمل المراد الذين يذكرون٤ بسبب ذكرهم إياي، أي: أنَّ ذكرهم [لله] ٥ تعالى كان سببًا لذكره تعالى لهم، من باب قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ ٦، وقوله ﵌ حاكيًا عن الله: "إنَّ العبد إذا ذكره في ملأ
_________
١ في (أ): " كثيرًا " وهو خطأ.
٢ سورة الحجرات الآية ٧.
٣ قطعة من حديث عن عمر بن الخطاب ﵁. رواه الترمذي (٤/٤٦٥) وأحمد (١/١٨) والحاكم (١/١١٤) وصححه، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه"
وله شاهد من حديث أبي أمامة. أخرجه أحمد (٥/٢٥١) والحاكم (١/١٤)، وصححه الألباني. انظر السلسلة الصحيحة (٢/٨٣) .
٤ في (ب): " يحتمل أن يراد الذين يذكرون ".
٥ زيادة يقتضيها السياق.
٦ سورة البقرة الآية ١٢٥.
1 / 49
ذكره الله تعالى في ملأ خير من ملئه، وإن ذكره في نفسه ذكره تعالى في نفسه"١.
ويحتمل أن يراد الذين يذكرون بسبب ذكري إياهم، أي أنَّه تعالى إذا ذكرهم في الملأ الأعلى ذكروا الله فبسبب ذكر الله لهم ذكروا، وأذكرهم؛ أي: بسبب ذكرهم إياي إذا ذكروني٢، فهم يذكِّرون العباد بالله وبنعمه ونقمه، فيذكرون الله عند ذلك.
ويحتمل أن المراد يذكرون الله بالأذكار الشريفة من التسبيح والتقديس والتهليل فيذكر الله العباد بذلك بسبب تذكرهم إياي٣.
إذا عرفت هذا عرفت أولياء الله، وأنَّ صفاتهم الخوف من الله، والإقبال على ما يرضاه، والإعراض عن كلِّ ما سواه، ويعرف بطلان ما يأتي من تفسير القوم للأقطاب والأوتاد والأنجاب بأنَّهم الذين لهم التصرف في الأكوان، وأنَّهم الذين يقولون للشئ كن فكان، وغير ذلك من الافتراء والبهتان والهذيان مما لا يقبله من في قلبه مثقال ذرة من إيمان، ممن جعل إمامه القرآن وكلام سيد ولد عدنان ﵌ ما اختلف الملوان.
_________
١ رواه البخاري (١٣/٣٨٤ فتح) ومسلم (٤/٢٠٦١) من حديث أبي هريرة ﵁. ولفظه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: "يقول اللَّه ﷿: أنا عند ظن عبدي، وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم..". الحديث.
٢ في (ب): " إذا ذكروا بي ".
٣ في (ب): " بسبب تذكيرهم إياهم ".
1 / 50
قوله: "موجودون [٦٠٠] إلى يوم القيامة؛ لعموم قوله ﵌: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة".
أقول: هو خبر قوله: أولياء الله؛ أي: أولياؤه تعالى١ موجودون إلى يوم القيامة واستدل بحديث: "لا تزال طائفة ... " الحديث، أخرجه أئمة الحديث.
فأخرج الشيخان البخاري ومسلم عن المغيرة أنَّه ﵌ قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون" ٢.
وأخرج مسلم والترمذي وابن ماجه عن ثوبان عنه ﵌ أنَّه قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" ٣.
وأخرج مسلم عن عقبة٤ بن عامر أنَّه ﵌ قال: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم كذلك" ٥.
وأخرج أحمد وأبوداود وابن ماجه والحاكم عن عمران بن حصين أنَّه ﵌ قال: "لا تزال طائفة من
_________
١ في (ب): " أنَّ أولياء الله ... ".
٢ البخاري (١٣/٢٩٣ فتح) ومسلم (٣/١٥٢٣) .
٣ مسلم (٣/١٥٢٣) سنن الترمذي (٤/٥٠٤) سنن ابن ماجه (١/٥) .
٤ في الأصل "عبيد" وهو خطأ.
٥ مسلم (٣/١٥٢٥) .
1 / 51
أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم الدجال" ١.
وأخرج مسلم عن جابر بن سمرة عنه ﵌ أنَّه قال: "لن يبرح هذا الدين قائمًا يقاتل عنه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة" ٢.
وأخرج أبو داود الطيالسي وعبد بن حميد عن زيد بن أرقم عنه ﵌ أنَّه قال: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق حتى يأتي أمر الله" ٣.
وأخرج أبو داود أيضًا والحاكم عن عمر مرفوعًا أنَّه قال: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورين حتى يأتي أمر الله" ٤.
وأخرج الطبراني في الكبير عن جابر بن سمرة عنه ﵌: "لا يبرح هذا الدين قائمًا يقاتل عليه ٥ عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة" ٦.
وأخرج مسلم وأحمد عن جابر عنه ﵌ أنَّه قال: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة
_________
١ المسند (٤/٤٢٩) سنن أبي داود (٣/٥٠٤) المستدرك (٤/٤٥٠) وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه". ولم أجده عند ابن ماجه.
٢ مسلم (٣/١٥٢٤) .
٣ مسند الطيالسي (٦٨٩) المنتخب من مسند عبد بن حميد (ص١١٥) . ورواه أحمد (٤/٣٦٩)
٤ مسند أبي داود الطيالسي (٣٨) المستدرك (٤/٤٤٩)، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
٥ في (ب): " عنه ".
٦ المعجم الكبير (٢/ ٢١٧) وهو عند مسلم كما تقدم.
1 / 52