قال ابن السيرافي قال دجاجة بن عبد القيس في باب إن
أتتني يمينٌ من أناسٍ ليركبن ... علي ودوني هضب غولٍ مقادم
تحلل وعالج ذات نفسك وانظرن ... أبا جعلٍ، لعلما أنت حالم
قال: الهضب: جمع هضبة وهي الجبل، ومقادم: متقدمة، وواحد المقادم: متقدم، وغول: موضع بعينه. وهضب مرفوع بالابتداء، ويجوز أن يروى ليركبن على ما سمي فاعله، ويكون المقادم فاعله، ويكون جمع مقدام، ويكون دوني خير هضب.
قال س: هذا موضع المثل:
أي التواءٍ يلتوي مياح ... وماله في جزعٍ رداح
اجتهد ابن السيرافي وهذى في هذا الشعر بعد أن صحف فيه فلم يفلح، وهذا من أفضح ما جاء به وهو قوله " هضب غولٍ مقادم " وهذا لجهله بالمنازل.
والصواب:
هضب غولٍ فقادم
وهما واديان للضباب، وقلما يجيء غول في شعر منفردًا من قادم. وأنشدنا للحارث بن عمرو بن خرجة الفزاري:
ذكرت ابنة السعدي ذكرى ودونها ... رحى جابرٍ واحتل أهلي الأداهما
فحزم قطياتٍ إذ البال صالحٌ ... فكبشة معروفٍ فغولًا فقادما
وبيت الكتاب لدجاجة بن عبد القيس، لا لدجانة بن عبد القيس كما ذكر ابن السيرافي.
؟ قال ابن السيرافي قال حاتم بن عبد الله الطائي:
ورد جازرهم حرفًا مصرمةً ... في الرأس منها وفي الأصلاب تمليح
إذا اللقاح غدت ملقىً أصرتها ... ولا كريم من الولدان مصبوح
قال س: هذا موضع المثل:
أما البعير فشيءٌ لست معطيه ... وحبك الشاة حب الوالد الولد
لا في الشعر يفلح ابن السيرافي ولا في النسب ولا في أسامي المنازل والمناهل، كما قيل: أعييتني غب السماء وغب البناء وغب النوم وغب النعاس هذا البيت لرجل من الأنصار من النبيت، وله مع حاتم وماوية بنت عفزر قصة طويلة معروفة، ولأجل ذلك تركت ذكرها. والأبيات:
هلا سألت النبيتيين ما حسبي ... عند الشتاء إذا ما هبت الريح
ورد جازرهم حرفًا مصرمةً ... في الرأس منها وفي الأصلاب تمليح
وقال رائدهم سيان ما لهم ... مثلان: مثلٌ لمن يرعى وتسريح
إذا اللقاح غدت ملقىً أصرتها ... ولا كريم من الولدان مصبوح
فانظر كم وقع من التخليط فيما أورده ابن السيرافي من هذا الشعر.
؟ قال ابن السيرافي قال رجل من بني سليم وهو أنس ابن العباس:
لا نسب اليوم ولا خلةً ... اتسع الخرق على الراقع
وفي بعض النسخ:
اتسع الفتق على الراتق
قال: وزعم بعض الرواة أن النعمان بن المنذر بعث جيشًا إلى بني سليم، لشيء كان وجد عليهم من أجله، وكان على الجيش رجل يعرف بكافر بن فرتنا أو عمرو بن فرتنا، فمر بالجيش على غطفان فاستجاشوهم على بني سليم، فهزمت بنو سليم الجيش، وطعن عمرو بن فرتنا وأسر، ومتت غطفان إلى سليم بالرحم التي بينهم، فقال أبو عامر جد العباس بن مرداس قصيدة فيها: إن ما بيننا وبين غطفان قد انقطع بما عملوا. أولها:
إن بغيضًا نسبٌ فاسق ... ليس بموثوق ولا واثق
لا نسب اليوم ولا خلةً ... اتسع الخرق على الراتق
لا صلح بيني فاعلموه ولابينكم ما حملت عاتقي
سيفي، وما كنا بنجدٍ وما ... قرقر قمر الواد بالشاهق
قال: وقوله قمر الواد: يريد القمر التي تكون أعشاشها في شجر الوادي تطير على الجبال وتصيح.
قال س: هذا موضع المثل:
وردوا بحارشة الضباب كأنما ... وردوا بنيب عمارة بن زياد
أطال ابن السيرافي الكلام في تفسير هذا الشعر وأعرضه، ثم جاء بعقب هذه الخيلاء بما لا يجدي نفعًا. وذلك أنه أتى بقصة تدخل في حكم السمر، وهو قوله: كان النعمان بعث جيشًا.. إلى آخر القصة، وفي الأبيات التي أوردها اضطراب ونقص، ولم يعرف معنى البيت الأخير الذي هو المعني.
وكان من قصة هذا الشعر - فيما قرأته على أبي الندى في كتاب بني سليم - قال: جاور أبو عامر بن حارثة السلمي أخواله بني مرة، فأطردوا إبله، فخرج هو ومرة بن جارية، وسنة بن جارية، وسنان بن جارية، حتى أوقعوا ببني مرة بين أبانين فقتلوا أناسًا منهم، وأطردوا إبلًا لهم عظيمة. فانصرف مرة بن جارية وهو يرتجز:
1 / 27