أبى القلب إلا حبها عامريةً ... نأت دارها عني ولست أنالها
ضبابيةً حصينةً أرطويةً ... كثيرًا بأكناف الأراك احتلالها
وما هي إلا أن توائم غارةٌ ... ترى الخيل فيها مستقرًا رعالها
قال ابن السيرافي قال رؤبة
يا دار عفراء ودار البخدن
بك المهامن مطفلٍ ومشدن
قال: البخدن يروى على وجهين: بخدن على وزن جعفر، وبخدن على وزن زبرج.
قال س: هذا موضع المثل: الذليل من تأكله النعامه، وتأكله الرخمة والهامه الأحمق من يغره هذا القول من ابن السيرافي، كيف يجوز: البخدن والبخدن وهو اسم علم، والأسامي لا تزال عن قواعدها، وكما لا يجوز أن تقول كلثم بكسر الكاف والثاء مكان كلثم، فكذلك لا يجوز البخدن بكسر الباء والدال.
قال ابن السيرافي قال امرؤ القيس
لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره ... طريف بن مالٍ ليلة الجوع والخضر
قال: الشاهد فيه على ترخيم مالك في غير النداء.
قال س: هذا موضع المثل: ذروا الغزو إلا أن تبيعوا وتمعسوا لم يكن ابن السيرافي من رجال الأنساب، فغلط في قول طريف بن مالك غلطًا لا يلتقي طرفاه، كيف يكون مال ترخيم مالك كما زعم، وإنما اسم الرجل مل، وهو طريف بن مل بن عميرة بن تيم بن عوف بن مالك بن ثعلبة من طيئ.
قال ابن السيرافي قال الفرزدق
ورثت أبي أخلاقه عاجل القرى ... وضرب عراقيب المتالي شبوبها
قال: الشبوب: السيف.
قال س: هذا موضع المثل:
تبجحي بجاحه ... فليس منك راحه
فلما يجيء ابن السيرافي بشيء فيه خير، متى سمي السيف شبوبًا، وإنما هو تصحيف.
والصواب: سبوبها بالسين غير المعجمة، يعني أنه يعرقب الإبل، والسب: القطع. ومنه قول ذي الخرق:
فما كان ذنب بني مالكٍ ... بأن سب منهم غلام فسب
بأبيض ذي شطبٍ باترٍ ... يتر العظام ويبري العصب
ويعني ب سبوبها نفس الممدوح.
قال ابن السيرافي قال لبيد
نحن بني أم البنين الأربعه
ونحن خير عامر بن صعصعه
قال: أم البنين هي امرأة مالك بن جعفر بن كلاب، ولدت له خمسة بنين: معاوية بن مالك، ويقال له معود الحكماء، وعامر بن مالك ملاعب الأسنة، وسلمى بن مالك نزال المضيق، وربيعة بن مالك ربيع المقترين وهو أبو لبيد، والطفيل بن مالك فارس قرزل. فاحتاج لبيد لأجل الشعر فقال: أم البنين الأربعة، وهم خمسة.
قال س: هذا موضع المثل: حوابة بلقاء تروي صادرا الحوابة: الدلو. مثل هذا من النسب يكد ابن السيرافي وأمثاله ممن لم يعمل في علم النسب، ولم يجهد نفسه فيه.
أخطأ ابن السيرافي في قوله: إن سلمى بن مالك هو من ولد أم البنين، لأن ولد أم البنين خمسة: عبيدة وطفيل ومعاوية معود الحكماء، وعامر ملاعب الأسنة، وربيعة أبو لبيد الشاعر - بنو مالك بن جعفر، وأمهم أم البنين بنت عمرو بن عامر بن صعصعة.
فأما سلمى وعتبة ابنا مالك فأمهما هند، امرأةٌ من بني سليم. ولم يكن عبيدة بن مالك مثل إخوته في الشهرة والنباهة، إلا أنه صدق وبر. وإنما ذكر لبيد الأربعة الأعيان.
قال ابن السيرافي قال قيس بن ذريح
تكنفني الوشاة فأزعجوني ... فيا للناس للواشي المطاع
قوله: " فيا للناس للواشي المطاع " أراد أنها تطيعهم إذا حملوها على هجره والبعد عنه.
قال س: هذا موضع المثل: اقلب قلاب قلب ابن السيرافي معنى هذا البيت من الصواب إلى الخطأ، وإنما المطيع الواشي ههنا قيسٌ لا لبنى، وذلك أنه اجتمع عليه أبوه وجماعةٌ من قومه حتى طلق لبنى، فندم، فأنشأ يقول في كلمة له طويلة:
واحزنا وعاودني رداعي ... وكان فراق لبنى كالخداع
تكنفني الوشاة فأزعجوني ... فيا للناس للواشي المطاع
فأصبحت الغداة ألوم نفسي ... على شيء وليس بمستطاع
كمغبونٍ يعض على يديه ... تبين غبنه بعد البياع
قال ابن السيرافي قال العجير السلولي
لا تجعلي ضيفي ضيفٌ مقربٌ ... وآخر معزولٌ عن البيت جانب
ولا تجعلي لي خادمًا لا أحبه ... فتأخذني من ذاك حمى وصالب
1 / 20