تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ الله كَثيرًا وَالذَّاكِرَاتِ، أعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مغْفِرَةً وأجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٣٥].
وروينا في صحيح مسلم (١)، عن أبي هريرة ﵁؛ أن رسول الله ﷺ قال:
"سَبَقَ المُفرِّدونَ، قالُوا: ومَا المُفَرِّدونَ يا رَسُولَ الله؟! قالَ: الذَّاكِرُونَ الله كَثِيرًا وَالذَّاكرَاتُ".
قلت: روي المفرِّدون بتشديد الراء وتخفيفها، والمشهور الذي قاله الجمهور التشديد.
واعلم أن هذه الآية الكريمة (٢) مما ينبغي أن يهتمَّ بمعرفتها صاحبُ هذا الكتاب.
وقد اختُلِفَ في ذلك، فقال الإِمامُ أبو الحسن الواحديّ: قال ابن عباس: المراد يذكرون الله في أدبار الصلوات، وغدوًّا وعشيًّا، وفي المضاجع، وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا أو راح من منزله ذكرَ الله تعالى. وقال مجاهد: لا يكونُ من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات حتى يذكر الله قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا. وقال عطاء: من صلَّى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخلٌ في قول الله تعالى: ﴿والذَّاكِرِينَ الله كَثيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ هذا نقل الواحدي.
وقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ:
"إذا أيْقَظَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا - أَوْ صَلَّى - رَكعَتينِ
_________
(١) مسلم (٢٦٧٦)، والترمذي (٣٥٩٠)، و"المفردون": المراد بهم: الذين تفرّدوا واستقلّوا عن غيرهم بذكر الله عزّوجلّ. وفي هامش "أ": "المفرِّدُون" بفتح الراء وكسرها، والكسر أشهر، هم الذين استولى عليهم الذكر، فأفردهم عن كل شيء إلا عن ذكر الله ﷾، فهم يفردونه بالذكر، ولا يضمّون إليه سواه.
(٢) المراد بالآية هنا هي قوله تعالى: ﴿والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، أعدّ الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا﴾ [الأحزاب:٣٥].
1 / 50