جَمِيعًا كُتِبَا في الذَّاكِرِينَ الله كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ" (١) هذا حديث مشهور رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه في سننهم.
وسئل الشيخ الإمام أبو عمر بن الصَّلاح ﵀ عن القدر الذي يصيرُ به من الذاكرينَ الله كثيرًا والذاكرات، فقال: إذا واظبَ على الأذكار المأثورة (٢) المثبتة صباحًا ومساءً في الأوقات والأحوال المختلفة ليلًا ونهارًا، وهي مُبيّنة في كتاب عمل اليوم والليلة (٣)، كان من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، والله أعلم.
[فصل]: أجمع العلماءُ على جواز الذكر بالقلب واللسان للمُحْدِث والجُنب والحائض والنفساء، وذلك في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله ﷺ والدعاء وغير ذلك. ولكنَّ قراءة القرآن حرامٌ على الجُنب والحائض والنفساء، سواءٌ قرأ قليلًا أو كثيرًا حتى بعض آية، ويجوز لهم إجراءُ القرآن على القلب من غير لفظ، وكذلك النَّظَرُ في المصحف، وإمرارُه على القلب. قال أصحابُنا: ويجوز للجُنب والحائض أن يقولا عند المصيبة: ﴿إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون﴾، وعند ركوب الدابة: ﴿سبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كُنَّا له مُقرنين﴾ (٤)، وعند الدعاء: ﴿ربنا آتنا
_________
(١) أبو داود (١٣٠٩)، والنسائي في الكبرى، وابن ماجه (١٣٣٥). وقال الحافظ ابن حجر في تخريجه: مراد الشيخ بقوله: حديث مشهور؛ شهرته على الألسنة، لا أنه مشهور بالمعنى الاصطلاحي؛ إذ هو من أفراد علي بن الأقمر عن الأغرّ. ثم قال: رواه أبو داود ومن ذكر كما قال، لكنهم ذكروا أبا هريرة مع أبي سعيد، فما أدري لِمَ حذفه، فإنهما عند جميع مَن أخرجه مرفوعًا، وأما من أفرد أبا سعيد فإنه أخرجه موقوفًا. الفتوحات الربانية ١/ ١٢٢.
(٢) "المأثورة": ما أُثِرَ عن النبي ﷺ، ويقدّم عند التعارض الأصحّ إسنادًا.
(٣) "كتاب عمل اليوم والليلة": أي في الكتب المؤلفة في ذلك، ككتاب "عمل اليوم والليلة" للنسائي، وكتاب "عمل اليوم والليلة" لابن السُّني.
(٤) "مُقرنين": أي مطيقين. قال ابن علاّن: ويضم إليها الآية الأخرى ﴿وإنَّا إلى رّبنا لمنقلبون﴾ أي: مبعوثون. الفتوحات الربانية:١/ ١٣٠.
1 / 51