هريرة ﵄: أنهما شهدا على رسول الله ﷺ أنه قال:
"لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُون الله تَعالى إلا حَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَليهِمْ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ تَعالى فِيمَنْ عِنْدَهُ".
[فصل]: الذكر يكون بالقلب، ويكون باللسان، والأفضلُ منه ما كانَ بالقلب واللسان جميعًا، فإن اقتصرَ على أحدهما فالقلبُ أفضل، ثم لا ينبغي أن يُتركَ الذكرُ باللسان مع القلب خوفًا من أن يُظنَّ به الرياء، بل يذكرُ بهما جميعًا ويُقصدُ به وجهُ الله تعالى، وقد قدّمنا عن الفُضَيل ﵀: أن ترك العمل لأجل الناس رياء. ولو فتح الإنسانُ عليه بابَ ملاحظة الناس، والاحتراز من تطرّق ظنونهم الباطلة لا نسدَّ عليه أكثرُ أبواب الخير، وضيَّع على نفسه شيئًا عظيمًا من مهمَّات الدين، وليس هذا طريق (١) العارفين.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم (٢)، عن عائشة ﵂ قالت: نزلت هذه الآية ﴿وَلاَتَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ولا تُخافِتْ بِها﴾ [الإسراء:١١٠] في الدعاء.
[فصل]: اعلم أن فضيلة الذكر غيرُ منحصرةٍ في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها، بل كلُّ عاملٍ لله تعالى بطاعةٍ فهو ذاكرٌ لله تعالى، كذا قاله سعيدُ بن جُبير ﵁ زغيره من العلماء. وقال عطاء ﵀: مجالسُ الذِّكر هي مجالسُ الحلال والحرام، كيف تشتري وتبيعُ وتصلّي وتصومُ وتنكحُ وتطلّق وتحجّ، وأشباه هذا.
[فصل]: قال الله تعالى: ﴿إنَّ المُسْلِمِينَ والمُسْلِماتِ﴾ إلى قوله
_________
(١) كذا في "أ" وفي "ب": طريقة.
(٢) البخاري (٤٧٢٣)، ومسلم (٤٤٧)، والموطأ ١/ ٢١٨.
1 / 49