قال ارسطاطاليس وذلك ان الاشياء المتوسطة وهى الاشياء التى فيها متقدم ومتاخر يجب ضرورة ان يكون المتقدم هو العلة لما بعده فانا اذا سئلنا اى علة الثلثة قلنا الاول وذلك ان الاخير ليس هو علتها من قبل انه ليس علة ولا لواحد منها وكذلك ايضا المتوسط ليس هو علتها من قبل انه انما هو علة لواحد فقط ولا فرق بين ان يكون متوسط واحد وبين ان تكون المتوسطات اكثر من واحد وبين ان تكون متناهية وبين ان تكون غير متناهية واجزاء الاشياء غير المتناهية التى تحتوى على هذه الجهة وبالجملة اجزاء غير المتناهى كلها متوسطة على مثال واحد الى هذا الوقت فيجب ان لم يكن شىء من الاشياء اولا الا يكون بالجملة علة اصلا التفسير لما ذكر انه ليس يمكن ان توجد علل غير متناهية لا فى الاسباب الفاعلة ولا فى المحركة ولا فى المادة ولا فى الغاية ولا فى التى على طريق الصورة اخذ يبرهن على ذلك فى الاسباب المحركة فقال وذلك ان الاشياء المتوسطة وهى الاشياء التى فيها متقدم ومتاخر يجب ضرورة ان يكون المتقدم هو العلة لما بعده يريد والدليل على ان الاسباب المحركة بعضها لبعض متناهية ان هذه الاسباب توجد فيها ثلثة اجناس متقدم ووسط ومتاخر فالاول هو العلة لجميعها اذ كان يحرك نفسه ويحرك المتوسط بلا توسط ويحرك الاخير بالمتوسط والوسط هو علة للاخير والاخير ليس علة لشىء وهذا هو الذى دل عليه بقوله فانا اذا سئلنا اى علة الثلثة قلنا الاول وذاك ان الاخير ليس هو علتها من قبل انه ليس هو علة لواحد منها يريد واذا كان اقل ما يتصور هذا المعنى فى ثلثة وكان واجبا ان يكون للجملة علة واحدة والا كان فيها ما ليس له علة فانا اذا سئلنا اى من هذه الثلثة هو علة الجملة لم نقدر ان نقول انه الاخير منها لانه ليس بعلة لواحد منها ولا قدرنا ايضا ان نقول انه المتوسط لان المتوسط انما هو علة للاخير منها فقط لا للجملة فواجب ان كان واجبا ان يكون لجميعها علة فى التحرك ان يكون الاول هو علة جميعها علة نفسه وعلة الاثنين الباقيين اعنى ان يكون الاول يحرك ذاته ويحرك الباقيين المتوسط بنفسه والاخير بالمتوسط وسواء فى هذا البرهان كان الاول المحرك فيه هو المتحرك نفسه على ما يذهب اليه افلاطون او كان هذا الاول مولفا من متحرك ومحرك لا يتحرك على ما يذهب اليه ارسطو ثم قال ولا فرق بين ان يكون متوسط واحد وبين ان تكون المتوسطات اكثر من واحد وبين ان تكون متناهية وبين ان تكون غير متناهية يريد ولا فرق فى المتوسط بين ان يكون واحدا او كثيرا وان كان كثيرا فلا فرق ايضا بين ان يكون متناهيا او غير متناه فانه بما هو متوسط يلزم ان يكون علة للاخير لا للجملة الا انه متى فرضنا المتوسطات لا نهاية لها لم يكن للجملة باسرها علة محركة لان المتوسطات انما تحرك الاخير فتكون الجملة كلها تتحرك من غير محرك لجميعها وقد تبين فى العلوم الطبيعية ان لكل متحرك محركا وهذا هو الذى دل عليه بقوله واجزاء الاشياء الغير متناهية وبالجملة اجزاء غير المتناهى هى كلها متوسط يريد واجزاء الاشياء الغير متناهية اعنى المفروضة متحركة معا هى كلها متوسط اى متوسطة على مثال واحد الى هذا الوقت ثم قال فيجب ان لم يكن شىء من الاشياء اولا الا يكون للجملة علة اصلا˹ وهذا بين فى المتحركات المحركات بعضها بعضا ذات الوضع اعنى التى توجد معا وذلك ان هذه يمتنع ان تكون غير متناهية لا بالذات ولا بالعرض واما اذا انزل هذا فى جملة غير ذات وضع فهو يمتنع بالذات لانه تكون الجملة ليس لها محرك اصلا وهو واجب ايضا بالعرض اذا وضع المحرك الاول لها غير متحرك اصلا لانه يجب ان يكون ازليا وان يحرك الى غير نهاية شيئا بعد شىء وهذا كله قد تبين فى الثامنة من السماع وما يذكر من هذا هاهنا انما هو على جهة التذكير والنظر العام للاسباب كلها بما هى اسباب هو فى هذا العلم ولذلك امكن ان يستعمل فى الاسباب هاهنا نظر عام وان كان ما تبين من ذلك جزئيا فى العلم الطبيعى فهو وان استعمل هاهنا براهين العلم الطبيعى فهو يخرجها اعم مما هى عليه وذلك انه كلما كان البرهان اشد عموما فهو اخص بهذا العلم ولذلك يتحرى ارسطو من البراهين فى هذا العلم ما هو اشد عموما واليق بغرض هذا العلم فيخرج تلك البراهين الطبيعية هاهنا مخرجا اعم من مخرجها فى العلم الطبيعى فهذا هو العلة فى تذكيره بتلك البراهين واعادته اياها فى هذا العلم مثل ما فعل فى مقالة اللام
[7] Textus/Commentum
صفحه ۲۲