Averroes, Šarḥ mā baʿd al-ṭabīʿa (شرح ما بعد الطبيعة).
بسم الله الرحمن الرحيم عونك اللهم
تفسير المقالة الاولى مما بعد الطبيعة وهى المرسومة بالالف الصغرى
[1] Textus/Commentum
صفحه ۳
قال ارسطوطاليس ترجمة اسحق] ان النظر فى الحق صعب من جهة سهل من جهة والدليل على ذلك انه لم يقدر احد من الناس على البلوغ فيه بقدر ما يستحق ولا ذهب على الناس كلهم لاكن واحد واحد من الناس تكلم فى الطبيعة وواحد واحد منهم اما ان يكون لم يدرك من الحق شيئا واما ان كان ادرك شيئا منه فانما ادرك يسيرا فاذا جمع ما ادرك منه من جميع من ادرك ما ادرك منه كان للمجتمع من ذلك مقدار ذو قدر فيجب ان يكون سهلا من هذه الجهة وهى الجهة التى من عادتنا ان نتمثل فيها بان نقول انه ليس احد يذهب عليه موضع الباب من الدار ويدل على صعوبته انه لم يمكن ان يدرك باسره ولا جزء عظيم منه واذا كانت الصعوبة من جهتين فخليق ان يكون انما استصعب لا من جهة الامور باعيانها لا كن سبب استصعابها انما هو منا وذلك ان حال العقل فى النفس منا عندما هو فى الطبيعة فى غاية البيان يشبه حال عيون الخفاش عند ضياء الشمس التفسير لما كان هذا العلم هو الذى يفحص عن الحق باطلاق اخذ يعرف حال السبيل الموصلة اليه فى الصعوبة والسهولة اذ كان من المعروف بنفسه عند الجميع ان هاهنا سبيلا تفضى بنا الى الحق وان ادراك الحق ليس يمتنع علينا فى اكثر الاشياء والدليل على ذلك انا نعتقد اعتقاد يقين انا قد وقفنا على الحق فى كثير من الاشياء وهذا يقع به اليقين لمن زاول علوم اليقين ومن الدليل ايضا على ذلك ما نحن عليه من التشوق الى معرفة الحق فانه لو كان ادراك الحق ممتنعا لكان الشوق باطلا ومن المعترف به انه ليس هاهنا شىء يكون فى اصل الجبلة والخلقة وهو باطل فلما كان من المعترف به وبخاصة عند من وصل الى هذا العلم ان لنا سبيلا الى معرفة الحق اخذ يعرف حال هذه السبيل فى الوعورة والسهولة فقال ان النظر فى الحق صعب من جهة سهل من جهة يريد ان هذه السبيل الموصلة الى الحق هى سهلة من جهة صعبة من جهة ثم اخذ يحتج لوجود هاتين الصفتين فى هذه السبيل فقال والدليل على ذلك انه لم يقدر احد من الناس على البلوغ فيه بقدر ما يستحق ولا ذهب على الناس كلهم يريد والدليل اما على صعوبته فانه لم يلف واحد من الناس وصل منه دون مشاركة غيره له فى الفحص الى القدر الواجب فى ذلك واما على سهولته فالدليل عليها انه لم يذهب على الناس كلهم لانه لو وجدنا كل من بلغنا زمانه لم يقف جميعهم على الحق ولا على شىء له قدر من ذلك لكنا نرى انه عسر ولم نقض بالامتناع لمكان طول الزمان المحتاج الى الوقوف فيه على الحق فكان قصر الزمان الذى وقف فيه على الحق اما كله واما ذو قدر منه يوذن بسهولته ولما ذكر هذا من احوال الناس اخذ يذكر عن حال الناس فى ذلك الزمن الذى وصل اليه خبره فقال لا كن واحد واحد تكلم فى الطبيعة وواحد واحد منهم اما ان يكون لم يدرك من الحق شيئا واما ان كان ادرك شيئا منه فانما ادرك اليسير فاذا جمع ما ادرك منه من جميع من ادرك ما ادرك منه كان للمجتمع من ذلك مقدار ذو قدر يريد وانما قلنا هذا الذى قلنا فى نحو ادراك الحق لانا لما تصفحنا حال من كان قبلنا فى العلوم ممن وصلنا خبرهم وجدناهم احد رجلين اما رجل لم يدرك من الحق شيئا واما رجل ادرك منه شيئا يسيرا ولما اخبر بهذا قال فقد يجب ان يكون سهلا من هذه الجهة وهى الجهة التى من عادتنا ان نتمثل فيها بان نقول انه ليس احد يذهب عليه موضع الباب من الدار يريد واذا تقرر انه سهل من جهة وصعب من جهة فقد يجب ان يكون سهلا من هذه الجهة وهى ان فى كل جنس من اجناس الموجودات اشياء تتنزل منها منزلة باب الدار من الدار فى انها لا تخفى على احد كما لا يخفى موضع باب الدار على احد وهذه هى المعارف الاول التى لنا بالطبع فى كل جنس من اجناس الموجودات ولما ذكر جهة السهولة اعاد ذكر جهة الصعوبة فقال ويدل على صعوبته انه لم يمكن ان يدرك باسره ولا جزء عظيم منه يريد من اول الزمان الذى وصله خبره الى زمانه وكانه اشارة منه الى انه ادرك الحق او اعظمه وان الذى ادرك منه من كان قبله بالاضافة الى ما ادرك هو منه هو جزء قليل - اما كل الحق واما اكثر الحق والاولى ان يظن انه ادرك الحق كله اعنى بكل الحق القدر الذى فى طبع الانسان ان يدركه بما هو انسان ثم قال واذا كانت الصعوبة من جهتين فخليق ان يكون انما استصعب لا من جهة الامور باعيانها لا كن سبب استصعابها انما هو منا وذلك ان حال العقل فى النفس منا عندما هو فى الطبيعة فى غاية البيان يشبه حال عيون الخفاش عند ضياء الشمس يريد واذا كانت صعوبة ادراك الموجودات توجد من وجهين فخليق ان تكون الصعوبة فى الاشياء التى فى الغاية من الحق وهو المبدأ الاول والمبادى المفارقة البرية من الهيولى من قبلنا نحن لا من قبلها فى انفسها وانما كان ذلك كذلك لانه لما كانت مفارقة كانت معقولة فى انفسها بالطبع ولم تكن معقولة بتصييرنا اياها معقولة لانها فى انفسها معقولة كحال الصور الهيولانية على ما تبين فى كتاب النفس وذلك ان الصعوبة فى هذه هى من قبلها اكثر مما هى من قبلنا ولما كانت حال العقل من المعقول حال الحس من المحسوس شبه قوة العقل منا بالاضافة الى ادراك المعقولات البرية من الهيولى باعظم المحسوسات التى هى الشمس الى اضعف الابصار وهو بصر الخفاش لا كن ليس يدل هذا على امتناع تصور الامور المفارقة كامتناع النظر الى الشمس على الخفاش فانه لو كان ذلك كذلك لكانت الطبيعة قد فعلت باطلا بان صيرت ما هو فى نفسه معقول بالطبع للغير ليس معقولا لشىء من الاشياء كما لو صيرت الشمس ليست مدركة لبصر من الابصار
[2] Textus/Commentum
صفحه ۸
قال ارسطو ومن العدل الا نقتصر على ان نشكر الذين شاركناهم فى الاراء باعيانهم فقط دون ان نشكر من كان له فى ذلك ولو بعض الحظ فانهم قد اعانونا بعض المعونة وذلك انهم تقدموا فراضوا عقولنا وخرجوها فان طيماوس لو لم يكن لكنا نعدم كثيرا من تاليف اللحون ولو لم يكن حروسيس لم يكن طيماوس وعلى هذا المثال يجرى الامر فيمن تكلم بالحق وذلك انا اخذنا بعض الاراء عن بعض من سلف وكان اخرون السبب فى كون هولاء التفسير هذا الذى ذكره هو واجب فى حق المحدثين مع المتقدمين وذلك ان القدماء يتنزلون من المحدثين منزلة الاباء من الابناء الا ان ولادة هولاء اشرف من ولادة الاباء لان الاباء ولدوا اجسامنا والعلماء ولدوا انفسنا فالشكر لهم اعظم من شكر الاباء والبر بهم اوجب والمحبة فيهم اشد والاقتداء بهم احق فهو يقول موكدا لهذا الغرض انه ليس ينبغى ان نقتصر من شكر من سلفنا على شكر الذين علمونا اراء صادقة وهم الذين راينا مثل رايهم بل ومن لم نر رايه فان هولاء ايضا بما قالوا فى الفحص عن الاشياء خرجوا عقولنا وافادونا بذلك القوة على ادراك الحق واذا كان هذا واجبا على ارسطو مع قلة ما كان عند من تقدمه من معرفة الحق وعظم ما اتى به من الحق بعدهم وانفرد به حتى انه الذى كمل عنده الحق فكم اضعاف ما وجب عليه من الشكر يجب على من جاء بعده من شكره ومعرفة حقه وشكره الخاص به انما هو العناية باقاويله وشرحها وايضاحها لجميع الناس فان الشريعة الخاصة بالحكماء هى الفحص عن جميع الموجودات اذ كان الخالق لا يعبد بعبادة اشرف من معرفة مصنوعاته التى تودى الى معرفة ذاته سبحانه على الحقيقة الذى هو اشرف الاعمال عنده واحظاها لديه جعلنا الله واياكم ممن استعمله بهذه العبادة التى هى اشرف العبادات واستخدمه بهذه الطاعة التى هى اجل الطاعات وما قاله فى هذا الفصل مفهوم بنفسه فان الصنائع العملية والعلمية ليس يقدر احد على استنباطها فى اكثر الامر وانما تتم بمعاونة السالف فيها الخالف فلولا السالف لم يكن الخالف
صفحه ۱۰
[3] Textus/Commentum
صفحه ۱۱
قال ارسطو ومن الصواب ان تسمى معرفة الحق من الفلسفة الفلسفة النظرية لان غاية المعرفة النظرية الحق وغاية المعرفة العملية الفعل فان اصحاب الفعل وان كانوا ينظرون فى حال الشىء الذى يفعلونه فليس بحثهم عن علة لها فى نفسها لا كن لاضافتها الى الشىء الذى يفعلونه التفسير لما كان الغرض فى هذا العلم النظر فى الحق المطلق استفتح الكلام فيه بتعريف الطريق الموصلة اليه ثم عرف مراتب اهل الحق فى طلب الحق وما يجب لبعضهم من شكر بعض والتعاون على طلب الحق ثم اخذ يعرف هذا النحو من العلم اى نحو هو فقال من اى جنس هو فقال ومن الصواب ان تسمى معرفة الحق من الفلسفة المعرفة النظرية يريد انه لما كانت العلوم المنسوبة الى الفلسفة علمين احدهما غايته العلم فقط والاخر غايته العمل وكان هذا العلم هو اعلى العلوم التى يقصد بها معرفة الحق قال ومن الصواب ان تسمى المعرفة الحاصلة فى هذا العلم علما نظريا لان العلم العملى وان كان يستعمل القياس ويبحث عن الاسباب فليس يستاهل ان يسمى علما نظريا لانه انما يفحص عن اسباب الاشياء وحدودها ليفعلوها لا ليعلموها فقط كالحال فى العلوم النظرية وما قاله فى هذا الفصل مفهوم بنفسه
[4] Textus/Commentum
صفحه ۱۲
قال ارسطوطاليس ولسنا نعرف الحق دون ان نعرف علته وكل واحد من الاوائل فهو خاصة علة لما عليه سائر الاشياء من الامور التى هى متفقة بالاسم والمعنى مثال ذلك النار فى غاية الحرارة فيجب من ذلك ان يكون اولى الاشياء بالحق الشىء الذى هو علة لحقيقة الاشياء التى بعده ولذلك قد يجب ضرورة ان تكون مبادى الاشياء الموجودة دائما هى دائما فى الغاية من الحق وذلك انها ليست انما هى حقيقة فى وقت دون وقت ولا يوجد لها علة فى انها حق لا كن هى العلة فى ذلك لسائر الاشياء فيجب من ذلك ان يكون كل واحد من الاشياء حاله فى الوجود حاله فى الحق التفسير لما بين ان هذا العلم هو من جنس علوم الحق وانه جزء من الفلسفة النظرية يريد ان يبين مرتبته فى الحق من العلوم النظرية فقال ولسنا نعرف الحق دون ان نعرف علته يريد ولما كان من المعلوم عندنا انا انما نعرف الشىء المعرفة الحقيقية اذا عرفناه بعلته على ما قيل فى كتاب البرهان ولما وضع هذه المقدمة اضاف اليها مقدمة ثانية فقال وكل واحد من الاوائل فهو خاصة علة لما عليه سائر الاشياء من الامور التى هى متفقة بالاسم والمعنى مثال ذلك ان النار فى غاية الحرارة يريد ولما كان ايضا مع هذا من المعروف بنفسه ان كل واحد من الاوائل فى جنس جنس فهو خاصة علة لما يوصف به سائر الاشياء الداخلة فى ذلك الجنس من الوجود من الاوصاف التى تتفق فيها تلك الاشياء فى الاسم والحد اذ كانت الاوائل فى جنس جنس هى العلة فى وجودها وفى وجود كل ما توصف به من جهة ما هى فى ذلك الجنس فظاهر ان الاول فى كل جنس هو اولى باسم الوجود وحده من الاشياء التى هو علة لها فى ذلك الجنس وبجميع حدود المعانى والاشياء التى توجد لجميع ما فى ذلك الجنس من جهة ما هى فى ذلك الجنس مثال ذلك ان النار لما كانت هى العلة فى الاشياء الحارة كانت اولى باسم الحرارة ومعناها من جميع الاشياء الحارة ولما صحت له هذه النتيجة التى انتجها على جهة القياس لشرطى المولف مقدمه من اكثر من مقدمة واحدة اتا بالشىء الذى قصد بيانه فقال فيجب من ذلك ان يكون اولى الاشياء بالحق الشىء الذى هو علة لحقيقة الاشياء التى بعده يريد واذا تبين ان العلة فى كل جنس جنس من الموجودات هى اولى بالوجود والحقيقة من الاشياء التى هى علة لها فى ذلك الجنس فبين انه ان كان هاهنا علة اولى لجميع الموجودات على ما تبين فى العلم الطبيعى فان تلك العلة هى اولى بالحق وبالوجود من جميع الموجودات وذلك ان الوجود والحق انما استفادته جميع الموجودات من هذه العلة فهو الموجود بذاته فقط والحق بذاته وجميع الموجودات انما هى موجودات وحق بوجوده وحقه ثم قال ولذلك يجب ضرورة ان تكون مبادى الاشياء الموجودة دائما هى دائما فى الغاية من الحق وذلك انها ليست انما هى حقيقة فى وقت دون وقت ولا يوجد لها علة فى انها حق لكن هى العلة فى ذلك لسائر الاشياء يريد ولهذا الذى قلناه يجب ان تكون مبادى الاشياء التى وجودها دائما هى فى الغاية من الوجود والحق موجودة دائما وذلك ان هذه الموجودات لما لم تكن فى وقت دون وقت بل كانت فى جميع الاوقات لم تكن اسبابها عللا لها فى وقت دون وقت فتحتاج فى كونها اسبابا الى اسباب اخر وهذا يشير به الى حال مبادى الاجرام السماوية مع الاجرام السماوية وانما اراد ان يعرف بهذا شرف الحق الذى تنظر فيه هذه الصناعة العامة وهى الناظرة فى المبادى القصوى ثم قال فيجب من ذلك ان يكون كل شىء حاله فى الوجود حاله فى الحق يعنى انه ما كان اتم وجودا كان فى كونه حقا اتم
صفحه ۱۵
[5] Textus/Commentum
صفحه ۱۶
قال ارسطو ومن البين ان للاشياء ابتداء وان علل الاشياء الموجودة ليست بلا نهاية لا من طريق الاستقامة ولا من طريق النوع اى ان تكون انواع العلل اكثر من ان تعد الى غير نهاية˹ وذلك انه لا يمكن من طريق الهيولى ان يكون شىء من شىء الى ما لا نهاية فيكون مثلا اللحم من الارض والارض من الماء والماء من الهواء والهواء من النار ويمر ذلك الى غير نهاية فلا يقف عند شىء ولا يمكن ايضا من طريق ما منه ابتداء الحركة فيكون مثلا الانسان يتحرك من الهواء والهواء يتحرك من الشمس والشمس تتحرك من الغلبة العداوية ولا يكون لذلك نهاية وعلى هذا المثال يجرى فيما بسببه يكون الشىء فانه لا يمكن فى هذا الطريق ايضا ان يجرى الامر الى ما لا نهاية فيكون مثلا المشى لسبب الصحة والصحة لسبب السعادة والسعادة لسبب شىء آخر غيره ويجرى فى ذلك دائما بلا نهاية وكذلك يجرى الامر فيما هو الشىء اى الذات التفسير قوله فى هذا الفصل بين بنفسه وهو انه لا يمكن ان يلفى واحد من الاسباب الاربعة يمر فى جنسه الى ما لا نهاية اى لا يوجد للاشياء التى هاهنا سبب مادى ويكون للمادة مادة ويمر ذلك الى غير نهاية مثل ان يكون اللحم من الارض والارض من الماء والماء من شىء اخر ويمر ذلك الى غير نهاية ولا سبب محرك ايضا كذلك اى يكون للاشياء التى هاهنا محرك وللمحرك محرك ويمر ذلك الى غير نهاية مثل ان يكون الماء يتحرك عن الهواء والهواء عن الجرم السماوى والجرم السماوى عن الغلبة العداوية كما يقوله ابن دقليس والغلبة عن شىء اخر ويمر ذلك الى غير نهاية واما قوله لا من طريق الاستقامة ولا من طريق النوع فانه يريد بالاستقامة ان تكون العلل موجودة معا كانها على خط مستقيم ويريد بطريق النوع ان تكون العلل واحدا بعد آخر لا معا على سبيل الاشياء المنسوبة الى النوع الواحد اعنى ان يوجد منها واحد بعد اخر وجملة بعد جملة على ان المتاخر اذا وجد فسد المتقدم ويحتمل ان يريد بالاستقامة ما كان منها من نوع واحد مثل كون الانسان عن انسان وبطريق النوع ما كان منها من انواع مختلفة داخلة تحت جنس واحد مثل ان تكون النار من الهواء والهواء من الماء والماء من الارض فان هذه كلها هى علل متفقة بالجنس وهو كونها مادية ومختلفة بالصورة
[6] Textus/Commentum
صفحه ۱۸
قال ارسطاطاليس وذلك ان الاشياء المتوسطة وهى الاشياء التى فيها متقدم ومتاخر يجب ضرورة ان يكون المتقدم هو العلة لما بعده فانا اذا سئلنا اى علة الثلثة قلنا الاول وذلك ان الاخير ليس هو علتها من قبل انه ليس علة ولا لواحد منها وكذلك ايضا المتوسط ليس هو علتها من قبل انه انما هو علة لواحد فقط ولا فرق بين ان يكون متوسط واحد وبين ان تكون المتوسطات اكثر من واحد وبين ان تكون متناهية وبين ان تكون غير متناهية واجزاء الاشياء غير المتناهية التى تحتوى على هذه الجهة وبالجملة اجزاء غير المتناهى كلها متوسطة على مثال واحد الى هذا الوقت فيجب ان لم يكن شىء من الاشياء اولا الا يكون بالجملة علة اصلا التفسير لما ذكر انه ليس يمكن ان توجد علل غير متناهية لا فى الاسباب الفاعلة ولا فى المحركة ولا فى المادة ولا فى الغاية ولا فى التى على طريق الصورة اخذ يبرهن على ذلك فى الاسباب المحركة فقال وذلك ان الاشياء المتوسطة وهى الاشياء التى فيها متقدم ومتاخر يجب ضرورة ان يكون المتقدم هو العلة لما بعده يريد والدليل على ان الاسباب المحركة بعضها لبعض متناهية ان هذه الاسباب توجد فيها ثلثة اجناس متقدم ووسط ومتاخر فالاول هو العلة لجميعها اذ كان يحرك نفسه ويحرك المتوسط بلا توسط ويحرك الاخير بالمتوسط والوسط هو علة للاخير والاخير ليس علة لشىء وهذا هو الذى دل عليه بقوله فانا اذا سئلنا اى علة الثلثة قلنا الاول وذاك ان الاخير ليس هو علتها من قبل انه ليس هو علة لواحد منها يريد واذا كان اقل ما يتصور هذا المعنى فى ثلثة وكان واجبا ان يكون للجملة علة واحدة والا كان فيها ما ليس له علة فانا اذا سئلنا اى من هذه الثلثة هو علة الجملة لم نقدر ان نقول انه الاخير منها لانه ليس بعلة لواحد منها ولا قدرنا ايضا ان نقول انه المتوسط لان المتوسط انما هو علة للاخير منها فقط لا للجملة فواجب ان كان واجبا ان يكون لجميعها علة فى التحرك ان يكون الاول هو علة جميعها علة نفسه وعلة الاثنين الباقيين اعنى ان يكون الاول يحرك ذاته ويحرك الباقيين المتوسط بنفسه والاخير بالمتوسط وسواء فى هذا البرهان كان الاول المحرك فيه هو المتحرك نفسه على ما يذهب اليه افلاطون او كان هذا الاول مولفا من متحرك ومحرك لا يتحرك على ما يذهب اليه ارسطو ثم قال ولا فرق بين ان يكون متوسط واحد وبين ان تكون المتوسطات اكثر من واحد وبين ان تكون متناهية وبين ان تكون غير متناهية يريد ولا فرق فى المتوسط بين ان يكون واحدا او كثيرا وان كان كثيرا فلا فرق ايضا بين ان يكون متناهيا او غير متناه فانه بما هو متوسط يلزم ان يكون علة للاخير لا للجملة الا انه متى فرضنا المتوسطات لا نهاية لها لم يكن للجملة باسرها علة محركة لان المتوسطات انما تحرك الاخير فتكون الجملة كلها تتحرك من غير محرك لجميعها وقد تبين فى العلوم الطبيعية ان لكل متحرك محركا وهذا هو الذى دل عليه بقوله واجزاء الاشياء الغير متناهية وبالجملة اجزاء غير المتناهى هى كلها متوسط يريد واجزاء الاشياء الغير متناهية اعنى المفروضة متحركة معا هى كلها متوسط اى متوسطة على مثال واحد الى هذا الوقت ثم قال فيجب ان لم يكن شىء من الاشياء اولا الا يكون للجملة علة اصلا˹ وهذا بين فى المتحركات المحركات بعضها بعضا ذات الوضع اعنى التى توجد معا وذلك ان هذه يمتنع ان تكون غير متناهية لا بالذات ولا بالعرض واما اذا انزل هذا فى جملة غير ذات وضع فهو يمتنع بالذات لانه تكون الجملة ليس لها محرك اصلا وهو واجب ايضا بالعرض اذا وضع المحرك الاول لها غير متحرك اصلا لانه يجب ان يكون ازليا وان يحرك الى غير نهاية شيئا بعد شىء وهذا كله قد تبين فى الثامنة من السماع وما يذكر من هذا هاهنا انما هو على جهة التذكير والنظر العام للاسباب كلها بما هى اسباب هو فى هذا العلم ولذلك امكن ان يستعمل فى الاسباب هاهنا نظر عام وان كان ما تبين من ذلك جزئيا فى العلم الطبيعى فهو وان استعمل هاهنا براهين العلم الطبيعى فهو يخرجها اعم مما هى عليه وذلك انه كلما كان البرهان اشد عموما فهو اخص بهذا العلم ولذلك يتحرى ارسطو من البراهين فى هذا العلم ما هو اشد عموما واليق بغرض هذا العلم فيخرج تلك البراهين الطبيعية هاهنا مخرجا اعم من مخرجها فى العلم الطبيعى فهذا هو العلة فى تذكيره بتلك البراهين واعادته اياها فى هذا العلم مثل ما فعل فى مقالة اللام
[7] Textus/Commentum
صفحه ۲۲
قال ارسطو وايضا فانه لا يمكن ان يكون ما له ابتداء من اعلاه يمر الى اسفل بغير نهاية فيكون مثلا من النار ماء ومن الماء ارض وكذلك يحدث جنس عن جنس دائما بلا نهاية وذلك ان الشىء يكون من الشىء على جهتين لا على طريق ما يقال ان الشىء كان بعد الشىء بمنزلة ما يقال ان الضباب من البخار لكن بمنزلة ما يقول احدنا ان الصبى كان منه رجل والثانى ان يكون من الماء هواء فاما قولنا انه يكون من الصبى رجل فانما يذهب فيه انه يكون من الشىء الذى سيكون الشىء الذى قد كان وفرغ او من الشىء الذى سيتم الشىء الذى قد تم وفرغ وذلك انه كما ان بين الوجود والعدم التكون كذلك ما هو متكون فهو دائما بين ما هو موجود وبين ما هو معدوم فان المتعلم هو كائن عالما والى هذا المعنى يذهب فى قولنا يكون من المتعلم عالم واما قولنا انه يكون من الهواء ماء وذلك بان يفسد الاخر يعنى الهواء ولذلك لا ترجع الاشياء التى تلك حالها بعضها الى بعض ولا يكون من الرجل صبى وذلك انه ليس يكون من الكائن ما سيكون لا كن انما يكون بعد الكائن الشى الذى يقال انه سيكون فعلى هذا المثال يكون النهار من الغداة لانه بعدها ولذلك لا يقال انه تكون الغداة من النهار فاما سائر الاشياء فيرجع بعضها الى بعض وعلى هاتين الجهتين جميعا لا يمكن ان تمر الاشياء الى غير نهاية وذلك ان الاشياء التى فيما بين شيئين يجب ضرورة ان يكون لها نهاية واما هذه الاشياء فترجع بعضها الى بعض وذلك ان فساد احدهما هو كون صاحبه ومع ذلك ايضا لا يمكن ان يكون الاول وهو ازلى يفسد وذلك انه لما كان التكون من جهة اعلاه ليس يمر الى غير نهاية فيجب ان يكون الاول الذى لما ان فسد حدث شىء اخر ليس بازلى التفسير انه لما فرغ من البرهان على تناهى الاسباب المحركة المتحركة يريد ايضا ان ياتى بالبرهان العام على تناهى الاسباب المادية التى هى مختلفة بالنوع ولما كان المعلوم من امر الاسباب المحركة ان لها اخيرا وانما المطلوب منها هل لها ابتداء من اعلاها وكان الامر فى الاسباب المادية بخلاف هذا اعنى ان لها مبدا من اعلاها وانما المطلوب هل لها منتهى اخير ام ليس لها منتهى اخير قال وايضا فانه لا يمكن ان يكون ما له ابتداء من اعلاه يمر الى اسفل بغير نهاية فيكون مثلا من النار ماء ومن الماء ارض وكذلك يحدث جنس عن جنس دائما بلا نهاية يريد وايضا فان الكون لما كان ظاهرا من امره انه من جهة اعلاه يكون متناهيا فليس يمكن ان يكون للشىء الذى تم كونه وفرغ مبدأ هيولانى ولذلك المبدأ مبدأ اخر هيولانى مخالف له ويمر الامر الى غير نهاية حتى لا يوجد له اخير مثل ان تكون النار متكونا لا يتكون منه شىء غيره وتكون تكونت هى من الهواء والهواء من الماء والماء من الارض ويمر الامر هكذا فى اجسام تخالف بعضها بعضا بالصورة الى غير نهاية. ولما وضع هذا المعنى شرع فى البرهان عليه فقال وذلك ان الشىء يكون من الشىء على جهتين لا على طريق ما يقال ان الشىء كان بعد الشىء بمنزلة ما يقول احدنا الضباب من البخار لاكن بمنزلة ما يقول احدنا ان الصبى كان منه رجل والثانى ان يكون من الماء هواء يريد والبرهان على ان المواد متناهية ان الشىء يقال انه يتكون من شىء على وجهين احدهما كما نقول ان الصبى يكون منه رجل لا كما نقول ان الشىء يكون بعد الشىء كقولنا من البخار ضباب اى بعد البخار والثانى ان يكون الشىء من الشىء مثل قولنا ان من الهواء يكون الماء ثم اخذ يشرح هذا النحو من الكون فقال فاما قولنا انه يكون من الصبى رجل فانما يذهب فيه الى انه يكون من الشىء الذى سيكون الشىء الذى قد كان وفرغ ومن الشىء الذى سيتم الشىء الذى قد تم وفرغ يريد فاما قولنا يكون من الصبى رجل فانما نذهب فيه الى انه يكون من الشىء الناقص الذى سيكمل الشىء الكامل وهو الذي دل عليه بقوله من الشىء الذى سيكون الشىء الذى قد كان وفرغ˹ ولما ذكر ان الكون انما هو مما يتكون لا مما كان وفرغ اخذ يحتج لذلك فقال وذلك انه كما ان بين الوجود والعدم التكون كذلك ما هو متكون فهو دائما بين ما هو موجود وبين ما هو معدوم يريد وانما كان الكون من الذى يتكون اى الذى فى طريق الكون لان الموجود الذى بالفعل وهو الذى فرغ كونه يقابل فى الحقيقة للعدم والعدم ليس يمكن ان يكون منه كون اى ليس يمكن ان يكون هو المتكون ولا ايضا ما فرغ كونه يمكن ان يكون هو المتكون فواجب ان يكون المتكون هو الذى وجوده وسط بين العدم والوجود بالفعل وهو الموجود فى طريق الكون وهو المتكون ثم اتى بمثال هذا فقال فان المتعلم هو كائن عالما والى هذا المعنى يذهب فى قولنا يكون من المتعلم عالم يريد ومثال ذلك ان العالم هو الذى نقول فيه انه كان من المتعلم ولا نقول ان العالم كان من نفسه ولا من عدم العلم بل من المتوسط بين العلم والجهل الذى هو عدم العلم وهو المتعلم وهو معنى قولنا ان العالم الذى قد صار عالما كان من الذى سيكون عالما اى الذى يصير الى العلم وهو المتعلم ولما ذكر هذا الضرب من الكون ذكر الضرب الثانى فقال واما قولنا انه يكون من الهواء ماء وذلك بان يفسد الاخر يعنى الهواء يريد واما قولنا ان شيئا يكون بالفعل من شىء آخر بالفعل فانما يذهب انه يكون من الهواء ماء فانا انما نذهب فيه الى انه يكون من الهواء الفاسد ماء من جهة ما يفسد الهواء لا من جهة ما هو لابث ولا من طريق الذى هو فى طريق الكون مثل قولنا يكون من المتعلم عالم ثم قال ولذلك لا ترجع التى تلك حالها بعضها الى بعض ولا يكون من الرجل صبى وذلك انه ليس يكون من الكائن ما سيكون لا كن انما يكون بعد الكائن الشىء الذى يقال فيه انه سيكون فعلى هذا المثال يكون النهار من الغداة لانه بعدها ولذلك لا يقال انه تكون الغداة من النهار يريد وانما لم ينعكس الكون فى الضرب الاول من الكون كما انعكس فى الضرب الثانى لانه لو كان من الرجل صبى لكان ما سيكون من الذى هو كائن اعنى كان يكون الناقص من التام وذلك مستحيل ثم قال وعلى هاتين الجهتين جميعا لا يمكن ان تمر الاشياء الى غير نهاية يريد وعلى هذين النحوين من الكون لا يمكن ان يمر الكون الى غير نهاية ثم اتى بالسبب فى ذلك فقال وذلك ان الاشياء التى فيما بين شيئين يجب ان يكون لها نهاية واما هذه الاشياء فترجع بعضها الى بعض وذلك ان فساد احدهما هو كون صاحبه يريد وذلك ان النوع من التكون الذى هو التغير من عدم الشىء الى وجوده اعنى الذى يتغير من القوة الى الفعل لما كان بين شيئين متناهيين وهو العدم والوجود وجب ضرورة ان يكون ما بينهما متناهيا واما النوع الاخر الذى يقول فيه ان الكائن يكون فيه الذى فى طريق الفساد فانها ترجع بعضها الى بعض فتستدير ولا تمر على استقامة والمستديرة متناهية ضرورة مثال ذلك ان يكون من الارض ماء ومن الماء هواء ومن الهواء نار ثم ينعكس الامر فيكون من النار هواء ومن الهواء ماء ومن الماء ارض فلا يزال الكون دورا ولا كن فى اشياء متناهية ومثل هذا يعرض فى المركبات من الاسطقسات اعنى ان التى تتركب من الاسطقسات تتركب منها حينا وتنحل اليها حينا ثم قال ومع ذلك لا يمكن ان يكون الاول وهو ازلى يفسد يريد وايضا فان جعلنا كون بعضها من بعض على هذه الصفة على استقامة لزم ان يكون فيها اول ازلى وان يكون مع هذا فاسدا ثم اتا بالسبب فى ذلك فقال وذلك انه لما كان التكون من ناحية اعلاه ليس يمر الى غير نهاية فيجب ضرورة ان يكون الاول الذى لما ان فسد حدث شئ اخر ليس هو بازلى يريد وذلك انه لما كنا نجد التكون ليس يمر من اعلاه الى غير نهاية اذ نجده مثلا ينتهى فى الاجسام البسيطة الى النار وجب ضرورة ان يكون لتكون الاسطقسات واحد من آخر مبدا اول لا يتكون من شىء وذلك انه لو لم يكن هناك مبدا اول لم يكن هنالك انقضاء وذلك ان المبدا انما يفهم لمنقض والمنقضى هو ضرورة مبتدء لان ما لا يبتدى لا ينقضى لا كن هنالك انقضاء فهاهنا اذا مبدا اول وما ليس له مبدا اول فهو ازلى ضرورة فليكن هذا هو الارض مثلا او ما هو اقدم من الارض لكن لما كان كل واحد من هذه ليس يتكون منه شىء الا بفساده وجب ضرورة ان يكون هذا المبدا الاول اذا تكون منه شىء فسد واذا فسد لم يكن ازليا وقد كنا فرضناه ازليا هذا خلف لا يمكن
[8] Textus/Commentum
صفحه ۳۰
قال ارسطاطاليس وايضا فان الشىء الذى بسببه تكون الاشياء هو غاية وهذا هو الشىء الذى ليس وجوده هو بسبب تال غيره لكن وجود سائر الاشياء بسببه فيجب ان كان شىء هذه حاله الا يكون الاخير غير متناه فان لم يكن شىء من الاشياء هذه حاله لم يكن الشىء الذى بسببه تكون الاشياء والذين يجعلون الاشياء غير متناهية يبطلون طبيعة الجود وهم لا يشعرون على انه ليس يروم شىء من الاشياء ان يفعل فعلا من الافعال اى فعل كان وهو لا يقصد به نهاية التفسير لما بين تناهى السببين الفاعل والمادة اخذ يبين تناهى الاسباب الغائية فقال وايضا فان الشىء الذى بسببه تكون الاشياء هو غاية وهذا هو الشىء الذى ليس وجوده بسبب تال غيره لكن وجود سائر الاشياء بسببه يريد وايضا فانه من البين بنفسه ان هاهنا سببا يسمى غاية وهو الذى من اجله يكون شىء شىء من الموجودات وهذا هو الذى ليس وجوده فى الشىء من اجل سبب اخر فى الشىء الذى هو غاية له بل جميع ما يوجد فى الشىء من الاسباب هو من اجل هذا السبب اعنى الفاعل والمادة والصورة فيما له فاعل ومادة وصورة ولما قرر وجود هذا السبب قال فيجب ان كان هاهنا شىء هذه حاله الا يكون الاخير غير متناه يريد فيجب ان كان هاهنا سبب هذه حاله فى موجود موجود اعنى ان تكون جميع الاسباب من اجله فى موجود موجود الا تكون هذه الاسباب التى هى اواخر فى الكون متقدمة فى الوجود غير متناهية ثم اتا بالدليل على هذا فقال فان لم يكن شىء من الاشياء هذه حاله لم يكن الشىء الذى بسببه تكون الاشياء يريد فان لم تكن هنا غاية اخيرة لم يكن هاهنا لشىء من الاشياء سبب غائى لانا قد حددنا السبب الغائى فى واحد واحد من الاشياء انه السبب الاخير فان لم يكن لجميع هذه الاسباب سبب بهذه الصفة اعنى ان يكون اخيرا لها لم يكن هاهنا سبب غائى اصلا اعنى انه ان كان للغاية غاية ومر الامر الى غير نهاية لم يكن هاهنا غاية اصلا لشىء من الاشياء وذلك ان رسم هذا السبب هو الا يكون من اجل سبب اخر فمتى فرض غير متناه بطل حده وارتفع وجوده عن الموجودات وقد كنا فرضناه موجودا هذا خلف لا يمكن ثم قال والذين يجعلون الاشياء غير متناهية يبطلون طبيعة الجود وهم لا يشعرون يريد والذين يجعلون الاسباب غير متناهية يبطلون الغاية كما قلنا والذين يبطلون الغاية يبطلون جميع الجيد والفاضل وهم لا يشعرون وذلك ان الاشياء انما توصف بالجود والفضيلة من قبل الاسباب الغائية ثم قال على انه ليس يروم شىء من الاشياء ان يفعل فعلا من الافعال اى فعل كان وهو لا يقصد به نهاية يريد والعجب ممن ينكر هذا السبب وهو ممن يعترف انه لا يفعل احد فعلا من الافعال اى فعل كان الا وهو يقصد به نهاية وغاية يريد ان الامر فى الطبيعة فى هذا يجب ان يكون كالامر فى الصناعات وفى جميع افعال الروية والاختيار وانما قال هذا لان كثيرا من القدماء كانوا يجحدون هذا السبب وقد تكلم معهم فى الثانية من السماع
[9] Textus/Commentum
صفحه ۳۳
قال ارسطو ومع ذلك ايضا فان بحسب قولهم ليس فى الاشياء الموجودة عقل وذلك ان ذا العقل انما يفعل ما يفعله دائما بسبب شىء من الاشياء من ذلك هو نهاية الفعل وذلك ان النهاية هى الغاية المقصودة اليها التفسير يقول ان من يضع الاسباب التى على طريق الغاية غير متناهية فهو يرفع العقل العملى ضرورة وذلك ان العقل انما يفعل ما يفعله فى كل وقت بسبب شىء اخر من الاشياء وذلك الشىء هو الذى من قبله صار الفعل متناهيا وذلك ان النهاية هى الغاية المقصودة بالافعال والا كان الفعل عبثا
[10] Textus/Commentum
صفحه ۳۴
قال ارسطاطاليس وايضا فان الحال فيما يسال عنه بما هو لا يمكن ان يكون القول فيها خارجا عن الحدود وذلك ان المتقدم دائما هو اولى بالوجود واما الاخير فليس كذلك والشىء الذى اوله ليس بموجود فان ما يتبع اوله ليس بموجود التفسير انه لما بين من امر الاسباب الثلثة انها متناهية اخذ يفعل ذلك فى السبب الذى على طريق الصورة وهو الذى يسال عنه بحرف ما هو فقال وايضا فان الحال فيما يسال عنه بحرف ما هو لا يمكن ان يكون القول فيها خارجا عن الحدود يريد وايضا فان الحال فيما يسال عنه بحرف ما هو وهى صورة الاشياء لا يمكن ان يكون القول فيها مخالفا لطبيعة الحدود اى ان ظهر من طبيعة الحدود انها متناهية وجب ان يكون الامر فى الصورة كذلك ثم قال وذلك ان المتقدم دائما هو اولى بالوجود فاما الاخير فليس كذلك يريد وذلك ان الحد يظهر من امره ان فيه جزءا متقدما وجزءا متأخرا وان الجزء المتقدم فيه اولى بالوجود من المتاخر وانه اذا لم يوجد المتقدم لم يوجد المتاخر فان كان للجزء المتقدم حد وهو الجنس مثلا وكان للجزء المتقدم ايضا من ذلك الحد حد ومر الامر الى غير نهاية لم يكن هنالك اول متقدم واذا لم يوجد اول متقدم لم يكن اخير لان الاخير انما هو اخير للمتقدم فترتفع الحدود وتبطل المعارف ان كانت الصور التى بينت المحدود غير متناهية وهذا هو الذى دل عليه بقوله والشىء الذى اوله ليس بموجود فان ما يتبع اوله ليس بموجود اى ان الشىء الذى يتبع وجوده وجود الاول وهو الاخير اذا لم يكن الاول موجودا لم يكن الاخير موجودا وبالعكس اذا لم يكن الاخير ايضا موجودا لم يكن الاول موجودا
صفحه ۳۵
[11] Textus/Commentum
صفحه ۳۶
قال ارسطوطاليس وايضا فان من قال بهذا القول ابطل العلم وذلك انه لا يمكن العلم دون الوصول الى الاشياء التى لا تحتمل القسمة ويكون العالم على هذا القياس غير موجود وذلك ان الاشياء غير المتناهية التى هذه حالها لا يمكن ادراكها بالذهن فان الحال فى الخط ليست هذه الحال اعنى انه وان كان لا يستقيم ان نقف على اقسامه لا يمكن ان يدرك بالذهن دون وقوفه ولذلك من اقام فى وهمه خطا غير متناه فلم يحصر اقسامه التفسير هذا كانه تتميم للبيان الاول الذى وضع فيه صورة اخيرة وفصلا اخيرا فبين منه انه يجب ان تكون الصورة الاولى موجودة فى الشىء المحدود وانه ليس يمكن ان تمر الصور من اسفل الى فوق الى غير نهاية لانه كان يكون حد الشىء غير متناه من جهة اعلاه واما فى هذا القول فانه يضع ان الاول الاعلى موجود ويبين ان الاخير يجب ان يكون موجودا ولذلك قال وذلك انه لا يكون العلم دون الوصول الى الاشياء التى لا تحتمل القسمة يريد انه متى وضع الاخير غير موجود والاول موجود بطل العلم بالحدود التى تحدث على طريق الحل كما يبطل العلم بالحدود الموجودة بجهة التركيب متى وضعنا الاخير موجودا والاول غير موجود وذلك انه متى كان فى الشىء الواحد صورة اولى وفرضناها تنقسم الى فصول لا نهاية لها لم نصل بطريق القسمة الى معرفة طبيعة ذلك النوع لان العلم بالشىء انما يحصل اذا انتهينا الى النوع الاخير ثم قال على جهة التشنيع ˺ويكون العالم على هذا القياس غير موجود يريد ويلزم اذا لم يكن العلم موجودا امر شنع جدا ومستحيل وهو ان يكون العالم غير موجود ثم اتا بالسبب فى ذلك فقال وذلك ان الاشياء الغير متناهية التى هذه حالها لا يمكن ادراكها بالذهن يريد وانما وجب ذلك لان الاشياء المعلومة هى التى يحصرها الذهن واما الاشياء الغير متناهية فليس يحصرها الذهن فهى غير معلومة ولما كان لقائل ان يقول ان الخط قد يضعه المهندس غير متناه بالقسمة قال فان الخط ليست هذه حاله اعنى انه وان كان لا يستقيم ان نقف على اقسامه لا يمكن ان يدرك بالذهن دون وقوفه يريد وليس لمحتج ان يحتج علينا بامر قسمة الخط فانه لسنا نقدر ان ننتهى فى قسمته الى جزء اخير ويشبه قسمة الجنس الى الانواع بقسمة الخط الى نصفيه ونصفيه الى نصفيه وذلك يمر الى غير نهاية فانه ليس يمكن ان نتصور الخط الا من حيث ناخذه متناهيا وتكريرنا المتناهى منه المتصور مرات لا نهاية لها ليس يوجب ان غير المتناهى يتصور ولذلك من توهم خطا غير متناه لم يقدر ان يتصوره وهذا هو الذى دل عليه بقوله ولا كن من اقام فى وهمه خطا غير متناه فلم يحصر اقسامه اى لم يمكنه ان يتصوره
صفحه ۳۸
[12] Textus/Commentum
صفحه ۳۹
قال ارسطوطاليس وايضا فان الهيولى يجب ضرورة ان تتوهم فى متحرك ولا يمكن ان يكون فى شىء غير متناه شىء من الاشياء بالفعل فان لم يكن هكذا فليس الذى فى غير المتناهى بغير متناه التفسير هذا بيان آخر من قبل طبيعة المتكون فهو يقول ان الهيولى يجب ان تكون محصورة فى المتحرك الذى هو المتكون المركب من الهيولى والصورة او الصور فان كانت توجد فى المركب من الهيولى والصورة صور لا نهاية لها وجب ان يكون المركب المتكون غير متناه ولان الكائن هو الذى تم كونه وفرغ ووجد بالفعل فان كان يوجد فى متحرك لا نهاية لعظمه شىء بالفعل وهو الشىء الحادث فى المتحرك الغير متناه وكانت الصورة حاصرة للمتكون وجب ان يكون ما بالفعل حاصر الغير المتناهى وذلك مستحيل لانه معلوم بنفسه ان الذى يحصر غير المتناهى ان وضع له حاصر يجب ضرورة ان يكون غير متناه وهذا الوضع يلزم منه بطلان هذا وهو الا يكون الغير متناه يحصره غير متناه وهذا هو الذى دل عليه بقوله فان لم يكن هكذا فليس الذى فى غير المتناهى غير متناه يريد انه ان كان المتناهى يحصر غير المتناهى فليس الذى يحصر غير المتناهى غير متناه اذ الذى يساوى غير المتناهى غير متناه او كيف شئت ان تسمى هذا المعنى اعنى حصرا او مساواة او مطابقة وهذا يوجد كانه ابين فى ترجمة اخرى وهو قوله بدل هذا ˺ولا كن باضطرار نفهم بعقولنا ان الهيولى متحركة وليس لشىء لا نهاية له كينونة يريد وايضا فان العنصر هو متغير الى الصورة او الصور المتكونة فان كانت الصور الحادثة فيها لا نهاية لها وجد شىء كائن بعد ان لم يكن وهو غير متناه وذلك مستحيل لان الكائن هو الذى فرغ كونه وما لا نهاية له لا يفرغ كونه بل هو فى كون دائم
صفحه ۴۰
[13] Textus/Commentum
صفحه ۴۱
قال ارسطو وايضا فان انواع العلل لو كانت غير متناهية فى الاحصاء لم يكن العلم ولا على هذه الجهة وذلك انا انما نرى انا قد وصلنا الى العلم اذا عرفنا العلل ولا يمكن المتناهى ان يجوز ما لا نهاية له التفسير يحتمل ان يريد بهذا القول انه لو كانت اجناس العلل المختلفة غير متناهية بالجنس لم يكن هاهنا علم اصلا لانا انما نرى انا قد عرفنا الشىء متى عرفناه بجميع اجناس الاسباب الموجودة فيه اذ كان له اكثر من جنس واحد من الاسباب الى ان تبين فى الثانية انه لا يمكن ان يوجد من الاسباب غير الاربعة الاجناس المشهورة ويحتمل ان يكون برهانا عاما على تناهى كل واحد من الاجناس الاربعة اعنى تناهى السبب الذى على طريق الفاعل وعلى طريق الصورة وعلى طريق الغاية وعلى طريق الهيولى وقوله ولا يمكن المتناهى ان يجوز ما لا نهاية له يريد ان العقل لما كان متناهيا لم يمكن ان يحصر ما لا نهاية له على انه مدرك له بالفعل لا بالقوة وانما شرطنا هذا لان الكلى هو حاصر لاشياء لا نهاية لها لا كن بالقوة لا بالفعل
[14] Textus/Commentum
صفحه ۴۲
قال ارسطاطاليس لا كن الانقياد لما نسمعه انما يكون بحسب العادة وذلك انا نقول بما تعودنا سماعه ونرى ان ما سوى ذلك غير مشاكل له بل نرا ما لم نعتده مستشنعا غير معروف وذلك ان الشىء الذى قد جرت به العادة والالفة والانقياد لما نسمعه اعرف وقد نصل الى معرفة مقدار ما جرت به العادة بان ننظر فى النواميس فانك تجد ما فيها من الالغاز والاشياء الشبيهة بالخرافات بسبب الالفة لها اجل فى النفوس من ان تتعرف حقائقها التفسير قصده فى هذا الفصل ان ينبه على الامور العائقة عن الوقوف على الحق فى المعارف الانسانية ولما كان اقواها فى ذلك هو المنشا منذ الصبا على راى من الآراء بل هو املك الاشياء بصرف الفطر الذكية عن معرفة حقائق الاشياء وبخاصة التى تضمنها هذا العلم وذلك ان اكثر الاراء التى تضمنها هذا العلم فهى اراء ناموسية وضعت للناس لطلب الفضيلة لا لتعريفهم الحق فالغز فيها عن الحق الغازا والسبب فى هذا كله ان الناس لا يتم وجودهم الا بالاجتماع والاجتماع لا يمكن الا بالفضيلة فاخذهم بالفضائل امر ضرورى لجميعهم وليس الامر كذلك فى اخذهم بمعرفة حقائق الاشياء اذ ليس كلهم يصلح لذلك وليس يوجد هذا فى الآراء الشرعية بل وفيما سبق للانسان من العلوم فى اول تعلمه كما نرى قد عرض لكثير من الفتيان الذين سبق لهم فى اول تعلمهم العلم المسمى عندنا علم الكلام فانه لما كان هذا العلم يقصد به نصرة اراء قد اعتقد فيها انها صحاح عرض لهم ان ينصروها باى نوع من انواع الاقاويل اتفق سوفسطانية كانت جاحدة للمبادى الاول او جدلية او خطبية او شعرية وصارت هذه الاقاويل عند من نشا على سماعها من الامور المعروفة بانفسها مثل انكارهم وجود الطبائع والقوى ورفع الضروريات الموجودة فى طبيعة الانسان وجعلها كلها من باب الممكن وانكار الاسباب المحسوسة الفاعلة وانكار الضرورة المعقولة بين الاسباب والمسببات وانما ساق هذا بعقب تكلمه فى الاسباب لان كثيرا من الشرائع تضع ان هاهنا اسبابا عالمة بامور لا نهاية لها وانه تصدر عنها امور لا نهاية لوجودها ولما ذكر العوائق التى هى من قبل المنشأ ذكر ايضا عائقا آخر بسبب طباع الناس فقال
[15] Textus/Commentum
صفحه ۴۴