حاولتم علة قوم ذمة ... ... ... من ثم سميتم مجوس الأمة واجتمع أبو عمر بن العلاء وعمرو بن عبيد فقال عمرو لأبي عمرو : هل تعرف في كلام العرب أن أحدا فرط في ما لا يقدر عليه ؟ قال أبو عمرو : لا . قال : فأخبرني عن قوله تعالى : { يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله }. أكان حسرته على ما قدر عليه أو على ما لم يقدر عليه ؟ فقال أبو عمرو لأصحابه : قد أبان لكم أبو عثمان القدر بحرفين .
وسأل مجبر عدليا عن قوله _عليه السلام _ إذا ذكر القدر فأمسكوا والقدر سر الله فلا تفشوه والقدر بحر عميق لا يدرك غوره , فقال : كل ذلك حجة على المجبرة والقدرية . قال : ولم ؟ قال : أجمع المسلمون أن من أقر على نفسه بذنبه واستغفر ربه ولام نفسه بذنبه واستغفر ربه ولام نفسه فهو قد أصاب الحق , وعلى هذا كان السلف الصالح , وبهذا نطق القرآن في قوله : { وآخرون اعترفوا بذنوبهم } , وبهذا وردت السنة لما سئل النبي _صلى الله عليه وآله وسلم _ أهذا شيء يعلمه وسبق القضاء به ؟ قال : ففيم بعث , فالمراد إذا نسب المعاصي إلى القدر فأمسكوا ولا تقولوا كقول المجبرة . وقيل إذا سئل عن أفعال الله لم كان هذا بصيرا وهذا أعمى وهذا غنيا وهذا فقيرا فكلوا ذلك إلى تدبيره فإنه الحكيم في أفعاله العليم في قضاياه , لا يفعل إلا الصواب ولم يرد إضافة القبيح إلى قضائه , مع قوله : { ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله } وقوله { إن الله لا يأمر بالفحشاء } و{ والله لا يحب الفساد } ولا يريد ظلما للعالمين . ثم قال : ومن وجهة أخرى هو حجة عليكم وهو أنه أمر بالإمساك فأمسكوا ولا تضيفوا الكفر والفساد إلى قدره , فإذا فعلتم ذلك فقد خالفتم السنة وخضتم البحر المنهي عن خوضة وأفشيتم سره وقلتم بالجبر . فانقطع . ثم قال : أخبرني عن إفشاء هذا السر المغيب أمنا أو منه ؟ فان قلت منا تركت المذهب , وإن قلت منه فهو الذي أفشاه , وإن قلت منا ومنه فقد أشركت .
صفحه ۴۴