واجتمعوا يوما في مجلس فقال معتزلي : أنتم يا معشر المجبرة إذا ناظرتم المعتزلة قلتم بالقدر وإذا دخلتم منازلكم تركتم ذلك وقلتم بالعدل لأجل فلس . قيل : ولم ؟ قال : إذا لقي الخصم قال ليس لنا من الأمر شيء , الأمر إلى خلقه وقضائه , وإذا دخل منزله ووجد جاريته كسرت كوزا يساوي فلسا ضربها وشتمها ويلومها لم كسرت الكوز ولئن كسرت بعدها لأفعلن كذا , ونسي مذهبه .
ومر أبو عبد الله الموسوس بطرار اجتمع الناس عليه , فكلم بعضهم أن يخليه ويرد المسروق فرد . فقال أبو عبد الله : أيهما أعدل , من قضى عليه أخذها أو من رد عليه ؟ فبهتوا , وأنشد لمحمود الوراق :
إذا ما أتى فاسق زلة ... ... ... ... على العمد منه يقول قدر
إذا كان هذا على طاعة ... ... ... وهذا على الكفر كل جبر
فمن قد أطاع كمن قد عصى ... ... ... فما للعذاب بذي يستمر
وإن كان ربي له خالق ... ... ... ... فمن قد أطاع كمن قد كفر
حكى معتزلي فقال : ضرب مجبر بالسياط في سرقة , فقال : مرحبا بقضاء الله وقدره ! .
وقيل لمجبر : الله يقضي الفساد ويخلقه ؟ فاستلقى وقال : لي خمس بنات , لا أخاف على إفسادهن غيره . فقال المعتزلي : صدق والله ! هذا حقيقة مذهبهم .
وتشاجر معتزلي ومجبر في أن القدرية منهم ؟ فجيئا بمجوسي فقالا له : يا مجوسي ! ممن المجوسية ؟ قال: من الله ! فقال المعتزلي للمجبر : أينا يوافقه ؟ ثم أنشد :
أيتها المجبرة الملعونة ... ... ... وبالمجوس بالهوى مقرونة
صفحه ۴۳