قالوا: فلو لم تكن السباع نجسة لم يكن للتفريق بين مازاد على القلتين معنى؛ وقال آخرون: إن أسئارها طاهرة، واحتجوا بقول الرسول - عليه السلام - حين سئل عن المياه التي تأوي إليها [السباع] (1) فقال:» لها ما أخذت بأفواهها ولكم ما غبر «(2)، يعني: مابقي.
--------------------
السؤالات (3)؛ وقوله:» لا ينجسه ... الخ «يعني إذا كان زائدا على القلتين بدليل الآخر.
قوله واحتجوا بقول الرسول - عليه السلام - حين سئل عن المياه: هذا الحديث ليس نصا في الدلالة على طهارة الأسئار، لجواز أن يكون إنما أباح لهم ما بقي لكون الماء زائدا على القلتين، فيتحد مع الحديث السابق، فلا تعارض بين الحديثين، والله أعلم.
قوله وتأوي إليها: أي السباع.
__________
(1) - سقط من ب وج ود، وكذا من نسخة المحشي على ما يبدو.
(2) - أخرجه الربيع بن حبيب: باب في أحكام المياه، رقم: 158 (1/ 43)؛ وابن ماجة: كتاب الطهارة وسننها، رقم: 512؛ والبيهقي في الكبرى، رقم: 1151 (1/ 258)؛ والدارقطني في السنن، رقم: 12 (1/ 31).
(3) - السوفي، 56؛ والحديث المذكور أخرجه الربيع بن حبيب بلفظ» الماء طهور لا ينجسه إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته «، باب في أحكام المياه، رقم: 156 (1/ 42)؛ ولم نقف عليه بهذا اللفظ في باقي كتب السنة، وبذلك صرح الحافظ ابن حجر، وقد عزاه بهذا اللفظ ابن الرفعة لأبي داود ولم نجده فيه. وجاء الحديث عند ابن ماجة بلفظ: ... » إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه «، كتاب الطهارة وسننها، رقم: 514؛ وعند الطحاوي في شرح معاني الآثار، (1/ 16) بغير توكيد؛ وعند الدارقطني في سننه، رقم:01 (1/ 28) بلفظ:» الماء طهور إلا ما غلب على ريحه أو على طعمه «؛ وأخرج البيهقي بنحو منه في الكبرى، رقم: 1159، (1/ 259). وقد صحح الحافظ ابن حجر أن الحديث لم يرد في بئر بضاعة، وأن الوارد فيها صدره دون لفظ: خلق الله، ودون الاستثناء الوارد فيه، وخطأ كلا من الغزالي وابن الحاجب والرافعي في جعلهم الحديث فيها. وللعلماء كلام في سند الحديث حتى قال النووي: اتفق المحدثون على تضعيفه، فليراجع ذلك عند: العسقلاني، تلخيص الحبير، 1/ 22؛ الزيلعي،
نصب الراية، 1/ 94.
صفحه ۳۹