وهكذا اختلفوا في أكل لحوم الخيل والبغال والحمير، فكرهها قوم لنهي الرسول - عليه السلام - عن أكل لحوم الحمر الإنسية (1)، ...
--------------------
قوله وهكذا اختلفوا في أكل لحوم ... الحمير ... الخ: لم يذكر -رحمه الله- إلا القول بالكراهة فقط، مع أن فيها ثلاثة أقوال: التحريم والكراهة والإباحة؛ وسبب الخلاف معارضة الكتاب والسنة، أعني قوله تعالى: {قل لا أجد فيمآ أوحي إلي} الآية [الأنعام: 145]، ونهيه - صلى الله عليه وسلم - في غزوة خيبر عن أكل لحوم الحمر الإنسية، ومهر البغي وحلوان الكاهن (2)، فمن أخذ بظاهر الآية قال بالإباحة، ومن أخذ بظاهر الحديث قال بالتحريم، ومن جمع بين الآية والحديث قال بالكراهة؛ ثم الظاهر في الأدلة التي ساقها المصنف -رحمه الله- أن تكون دالة على التحريم، واستدل على التحريم أيضا بقوله تعالى: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها} [النحل: 08]، حيث ذكر العلة التي لأجلها خلقت وهي الركوب، فلو كانت مباحة الأكل لبينه الله كما بين ذلك في الأنعام حيث قال: {وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها ياكلون} [يس: 72]، وقال أيضا: {وإن لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها} الآية [النحل: 66]، فذكر ما خلقت لأجله الأنعام.
__________
(1) - نهى - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك يوم خيبر، والحديث أخرجه الربيع بن حبيب: باب أدب الطعام والشراب، رقم: 388 (1/ 98)؛ والبخاري: كتاب المغازي، رقم: 3894؛ ومسلم: كتاب النكاح، رقم: 2510؛ والنسائي: كتاب النكاح، رقم: 3313؛ وابن ماجة: كتاب النكاح،=
(2) - حديث النهي عن لحوم الحمر الإنسية تقدم، أما حديث النهي عن مهر البغي وحلوان الكاهن فأخرجه الربيع بن حبيب: باب في المحرمات، رقم: 633 (3/ 167)؛ والبخاري: كتاب البيوع، رقم: 2083؛ ومسلم: كتاب المساقاة، رقم: 2930؛ والترمذي: كتاب النكاح، رقم: 1052؛ والنسائي: كتاب الصيد والذبائح، رقم: 4218؛ وأبو داود: كتاب البيوع، رقم: 2974؛ وابن ماجة: كتاب التجارات، رقم: 2150؛ وأحمد: مسند الشاميين، رقم: 16453؛ ومالك: كتاب البيوع، رقم: 1173؛ والدارمي: كتاب البيوع، رقم: 2455، بدون ذكر أن ذلك كان في غزوة خيبر.
صفحه ۴۰