<div>____________________
<div class="explanation"> أحدهما: أن خطاب الله تعالى مع ما فيه من الفوائد لمصلحة معتبرة في ألفاظه لا يمتنع أن تكون المصلحة الدينية تعلقت بأن يستعمل له ألفاظه محتملة ويجعل الطريق إلى معرفة المراد به ضربا من الاستدلال، ولهذه العلة أطال في موضع واختصر في آخر، وذكر قصة في موضع وأعادها في موضع آخر، واختلفت أيضا مقادير الفصاحة فيه.
والجواب الثاني: أن الله تعالى إنما خلق عباده تعريضا لثوابه، وكلفهم لينالوا أعلى المراتب وأشرفها، ولو كان القرآن كله محكما لا يحتمل التأويل ولا يمكن فيه الاختلاف لسقطت المحنة وبطل التفاضل وتساوت المنازل، ولم تبن منزلة العلماء من غيرهم، فأنزل الله القرآن بعضه متشابها ليعمل أهل العقل أفكارهم، ويتوصلوا بتكليف المشاق وبالنظر والاستدلال إلى فهم المراد، فيستحقوا به عظيم المنزلة وعالي الرتبة انتهى (1).
والجواب الأول جار هنا أيضا، ومن ثم حكي عن السيد المرتضى وطائفة من القدماء أنهم حكموا على الأخبار الواردة في باب طينة المؤمن والكافر، من أن أحدهما من عليين والأخرى من سجين، ونحو ذلك مما ظاهره الجبر ونفي الاختيار، بأنها محمولة على طريق المجاز والاستعارة، كما سيأتي تحقيقه في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
السادس: أن أكثر تلك الأخبار من باب إخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا ظنا. وهذا الجواب قاله ابن إدريس رحمه الله في رد تلك الأخبار التي ظاهرها الجبر</div>
صفحه ۴۵