وبالجملة: فالنية من فرائض الوضوء عند التلبس به، واستمرار حكمها بأن لا ينوي لبعض أعضائه وضوءا ولبعضه تنظيفا أو تبريدا، وليس ذهوله عنها بقطع لها، ووافقنا على وجوبها له الشافعي (4) ومالك (5) وأحمد (6) وأبو ثور (7) وداود (8).
وقال القطب: وقول بعضنا بعدم وجوب النية شاذ، أو مؤول إلى الوجوب، وذلك أن ابن النضر قال:
وإن توضأت بلا نية ... أجزاك للفرض وللأجر
__________
(1) كتاب مختصر الوضع، أو كما يطلق عليه كتاب الجامع الصغير، لقطب الأئمة محمد بن يوسف أطفيش، اختصر فيه الشيخ كتاب الوضع، لأبي زكريا الجناوني، وربما خالف فيه الشيخ لأمر تبين له، وقد أوجز وأقدم وأوضح وأفهم ويزيد عليه في الفائدة، وقد امتاز هذا الكتاب بسهولة فهم عبارته وسلاسته. (ينظر: مقدمة كتاب الجامع الصغير، 1/ 15).
(2) الجامع الصغير، 1/ 174.
(4) الشافعي (ت: 204 ه).
(5) مالك (ت: 179 ه).
(6) أحمد (ت: 241 ه).
(7) أبو ثور (ت: 240ه).
(8) داود (ت: 270 ه).
فيحتمل أن يريد: فإن توضأت بلا نية رفع الحدث، ويحتمل أن يريد إن توضأت بلا نية رفع الحدث ويحتمل أن يريد: إن توضأت بلا نية صلاة الفرض ولا نية صلاة النفل، لكنه نوى رفع الحدث وهذا أولى ليوافق المذهب (1) ا ه كلامه.
وهل محلها أولا غسل اليدين، أو عند المضمضة، أو عند أول واجب؟ أقوال (2)، المختار الأول، لأنه إن لم ينو لليدين لزم عروهما عنها، وإن نوى لزم أن يكون للوضوء نيتان، ولا قائل به، وجمعا بأن ينوي أول الفعل، ويستصحبها لأول فرض، وعليه كلام (القواعد) ويستديم النية إلى غسل الوجه فإن نسيها عند الوجه فقد شدد بعضهم في وضوئه أن لا يجزئه، لأن ما قبل الوجه سنن توابع والمقصود من العبادات واجباتها (3) ا ه.
صفحه ۲۹