ذلك، ولم يريدوا خلاف العطش، كقوله:
وفي العاج منها والدماليج والبرا ... قنًا مالئٌ للعين ريان عبهر
فكأنهم اتعسوا فيه هذا الاتساع لما كان الذي يتبعه النضارة والطراوة، كما كان العطش يتبعه الجهد والذبول، فسموه باسم المصاحب له. ومن ذلك قولهم "حسن الرواء" لحسن الشارة والهيئة، قال ابن مقبل:
أما الرواء ففينا حق ترئية ... مثل الجبال التي بالغور من إضم
فالعين واو والهمزة منقلبة من الياء التي هي لام في "رواء" لهذا المعنى، ويكون من "روي". ويجوز أن يكون "الرواء" من "رأيت" إلا أن العين قلبت واوًا للتخفيف، كما ألزموا العين التخفيف في هذه الكلمة في "يرى"، فصار مثل "جون". لكان قولًا. وحمل قول من قرأ "ريًا" بالإدغام على ما ذكرناه آنفًا من أنه على تخفيف الهمز هو الوجه.
ومن ذلك قولهم: "هو مني مرأىً ومسمعٌ" فـ"مرأىً: مفعل" من "رأيت"، قال سيبويه: "فأما قول العرب: أنت مني مرأىً ومسمعٌ، فإنما رفعوه لأنهم جعلوه هو الأول، حتى صار بمنزلة قولهم: أنت مني قريبٌ، وكينونة مرأى ومسمع اسمًا أكثر؛ لأنهم جعلوه اسمًا خاصًا
1 / 58