قد أشنقت بالحبائر، أي: نشبت فكتفت لذلك، فاجتمعت وتقبضت على ما كان قبل من الصغر والتقبض. فهذه جملة من القول في "اليد" وما استعملت فيه، ولم أجدها استعملت في موضع حيث يراد جملة الشخص وجميعه، فيجوز أن تجري مجرى تلك الكلم التي استعملت هذا الاستعمال.
فإن قلت: فقد قالوا "يداك أوكتا"، وإنما المراد: أنت أوكيت فهذا يدل أن "اليد" قد قامت مقام الجملة كـ"الرقابة" وأخواتها؛ لأن فعل الفاعل قد نسب إلى بعضه.
فإن هذا لا دلالة فيه؛ لأن الإيكاء لما كان باليد نسب إليها، وإن كان الفاعل الجملة، كما جاز أن يقال: كتبت يدي، ورأت عيني، وفي التنزيل: ﴿فويلٌ لهم مما كتبت أيديهم﴾، فنسب الفعل إلى الجارحة التي بها فعل الفاعل، وإن كان للجملة، فـ "اليد" على هذا عبارة عن العضو المخصوص، ليس يراد بها الجملة. وعلى هذا قالوا "وفوك نفخ"، فنسب النفخ إلى الفم لما كان به يكون، وإن كان الفاعل في الحقيقة جملة الإنسان. فكما أن "الفم" لا يقع ولا يكون عبارة عن جملة الإنسان كقوهم "يداك أوكتا"، والوكاء: الخيط الذي يشد به القربة، والعصام: حبلها، وأوكيت السقاء والقربة: شددتهما بالوكاء.
1 / 32