.
وأما العقل، فلا خلاف بين الأمة أن المجنون غير مخاطب للحديث المتقدم؛ ولأنه ليس من الحكمة تكليف من لا عقل له، كما أن ليس من الحكمة تكليف الأصم أن يسمع، ولا الأعمى أن يبصر، والله أعلم.
وإن[س/14] أوقع المجنون الحج في حال جنونه لم يجز عنه إن أفاق، وفي بعض آثار مخالفينا: أن المجنون يحرم عليه أبوه، ويحج به، وكذلك الصبي عندهم، يحرم عليه وليه، والله أعلم.
وأما الحرية فلا خلاف في المذهب أيضا أن العبد غير مخاطب بالحج؛ لأن فريضة الحج مشوبة باستطاعة المال، والعبد مال مملوك، والمال لا يملك مالا(1)، والله أعلم.
والعبد إذا أوقع الحج في حال عبوديته، ثم اعتق، هل يجزئه عن فرضه؟ فيه خلاف بين أصحابنا أيضا، والأظهر أنه لا يجزي عنه(2)
__________
(1) حكم الحج على العبد:
اختلف العلماء في حكم الحج على العبد، هل يجب عليه أم لا ؟
1.ذهب الجمهور إلى أن الحج لا يجب على العبد، لعدم استطاعته، والاستطاعة من شروط الحج، والعبد لا استطاعة له، لأن ماله وبدنه لسيده.
2.ذهب ابن حزم إلى وجوب الحج عليه؛ لأن الخطاب الوارد في إيجاب الحج والعمرة عام للحر والعبد، ولا مخصص لهما.
(2) إذا حج العبد، هل يجزئه عن حجة الإسلام أم لا ؟
اختلف العلماء فيها:
1. يجزئه عن حجة الإسلام، ولا يجب عليه إعادة الحج بعد عتقه، ولو كان مستطيعا، ذهب إليه الإمام الربيع، والإمام محمد بن محبوب، وابن حزم الظاهري.
2.يصح حجه، ويثاب عليه، ولا يجزئه عن حجة الإسلام، ويجب عليه أن يعيد حجه بعد أن يعتق، إذا توفرت له الاستطاعة، ذهب إلى هذا جمهور الإباضية، والمالكية، والحنفية، والحنابلة. ينظر: ابن رشد (بداية المجتهد) 3/259، والكاساني (بدائع الصنائع) 2/294- 295، وابن قدامة (المغني) 3/250 وما بعدها، والإمام يحيى بن شرف النووي (المجموع شرح المهذب)، 7/ 35 وما بعدها، والشيخ محمد يوسف أطفيش (شرح النيل) 4/14.
صفحه ۳۶