«مَن قعَد إلى قَيْنةٍ يستَمِع منها صبَّ الله في أذنَيْه الآنُك - أي: الرَّصاص المذاب - يوم القيامة» (١)، «الغناء واللهو يُنبِتان النِّفاق في القلب كما يُنبِت الماء العشب، والذي نفسي بيده إنَّ [القرآن في القلب] (٢) والذكر لينبتان الإيمان في القلب كما ينبت الماء العشب» (٣)؛ فكيف بعد هذه الأحاديث يقدم مَن له أدنى مسكةٍ من دِين أو عَقل أو ورَع على مَدح الغِناء واستِماعه، ويزعُم أنَّ فِي استِماعه استجلاء [ز١/ ١٦/أ] للمَعارِف والكَرامات؟ كلاَّ والله ليس إلاَّ كما أخبر الصادق أنَّه يُنبِت النِّفاق فِي القَلب سريعًا كثيرًا كما ينبت الماء العشب والبقل، وأنَّه يُوجِب صبَّ الرَّصاص المذاب فِي الأذن التي سمعته يوم القيامة.
_________
(١) أخرجه ابن عساكر (٥١/ ٢٦٣)، وأورده الشوكاني في "نيل الأوطار" (٨/ ١١٣) بلفظ: «مَن قعد إلى قَيْنةٍ يسمع صُبَّ في أذنه الآنُك»، وعَزاه إلى أبي يعقوب محمد بن إسحاق النيسابوريِّ، وأورده ابن حجر في ترجمة "عبيد بن هشام" فقال: قال الآجري: عن أبي داود ثقة، إلا أنَّه تغيَّر في آخِر أمره، لُقِّن أحاديث ليس لها أصلٌ، لُقِّن عن ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن أنس، حديثًا منكرًا، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال الحاكم أبو أحمد: حدَّث عن ابن المبارك، عن مالك بن أنس أحاديث لا يُتابَع عليها، قلت: وقال صالح جزرة: صدوق، ولكنه ربَّما غلط، حَكاه الحاكم في "تاريخه"، وقال أبو العرب القيرواني في "الضعفاء": قال أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عثمان: عبيد بن هشام ضعيف، وقال الخليلي: صالح، وأخرج الدارقطني في "الغرائب" عن ابن المبارك، عن مالك، عن محمد بن المنكدر، عن أنسٍ رفعه: «مَن قعَد إلى قَيْنةٍ يستَمِع منها صُبَّ في أذنَيْه الآنُك يومَ القيامة»، قال الدارقطني: تفرَّد به أبو نعيم، ولا يثبُت هذا عن مالك ولا عن ابن المنكدِر.
(٢) في (ز١): القراءة.
(٣) أورده أبو شجاع الديلمي في "الفردوس" (٣/ ١١٥، رقم ٤٣١٩) من حديث أنس بن مالك ﵁ وقال العجلوني في "كشف الخفاء" (٢/ ١٠٣): «الغناء واللهو ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب»؛ رواه الديلمي عن أنسٍ مرفوعًا بزيادة: «والذي نفسي بيده، إنَّ القُرآن والذكر لينبتان الإيمان في القلب كما ينبت الماء العشب»، ولا يصحُّ كما قالَه النووي.
1 / 66