ونجد فيما يروى عن الخليفتين في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على هوى سياسي في نفسيتهما، وأنهما كانا يفكران في شئ على أقل تقدير. فقد ورد في طرق العامة أن ر سول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله، قال: لا، قال عمر: أنا هو يا رسول الله، قال: لا ولكن خاصف النعل - يعني عليا) (1). والمقاتلة على التأويل إنما تكون بد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والمقاتل لا بد أن يكون أمير الناس، فتلهف كل من أبي بكر وعمر على أن يكون المقاتل على التأويل مع أن القتال على التنزيل كان متيسرا لهما في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يشاركا فيه بنصيب قد يدل على ذلك الجانب الذي نحاول أن نستكشفه في شخصيتهما. بل اريد أن أذهب إلى أكثر من هذا فالاحظ أن اناسا متعددين كانوا يعملون في صالح أبي بكر وعمر (2) وفي مقدمتهم عائشة وحفصة اللتان
---
(1) الصواعق المحرقة / ابن حجر: 123 ط 2 / مكتبة القاهرة / 1965، مسند الأمام أحمد 3: 33، كنز العمال 15: 94، ط 2 حيدر آباد - الدكن - الهند / 1968، خصائص أمير المؤمنين / النسائي الشافعي (ت 303 ه): 131، طبعة طهران، راجع: التاج الجامع للاصول 3: 336. (2) قال الشهيد الصدر (معلقا): وقد سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما هدد طائفة من قريش برجل من قريش امتحن الله قلبه للأيمان يضرب رقابهم على الدين، إن ذلك الرجل هل هو أبو بكر ؟ فقال: لا، فقيل: عمر ؟ قال: لا... إلخ. مسند الأمام أحمد 3: 33، والرواية تهمل اسم السائل الذي توهم أن الشخص ا لذي وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أبو بكر أو عمر، وإذا لم يكن أبو بكر وعمر معروفين بشجاعة وبسا لة في المشاهد الحربية على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا بد أن أمرا آخر دعى السائل إلى أن يسأل ذ ينك السؤالين والبقية أتركها لك.
--- [82]
صفحه ۸۱