ونحن نلاحظ بوضوح عطفه طلب أبي بكر وعمر رضى عنه الله للبيعة من الأمام ب (ثم) على كلمتي اتفقا واتسقا وهو قد يشعر بأن الحركة انت منظمة بتنظيم سابق، وأن الاتفاق على الظفر بالخلافة كا ن سابقا على الأيجابيات السياسية التي قاما بها في ذلك اليوم. ولا اريد أن أتوسع في دراسة هذه الناحية التاريخية أكثر من هذا، ولكن هل لي أن ألا حظ في ضوء ذلك التقدير التاريخي، أن الخليفة لم يكن زاهدا في الحكم كما صوره كثير من الباحثين، بل قد نجد في نفس المداورة التي قام بها الخليفة في السقيفة دليلا على تطلعه للأمر، فإنه بعد أن أعلن الشروط الأساسية للخليفة شاء أن يحصر المسألة فيه فتوصل إلى ذلك بأن ردد الأمر بين صاحبيه
---
(1) اللذين لن يتقدما عليه، وكانت النتيجة الطبيعية لهذا الترديد أن يتعين وحده للأمر. فهذا الأسراع الملحوظ من الخليفة إلى تطبيق تلك الصورة التي فدمها للخليفة الشرعي في رأيه على صاحبيه خاصة الذي لم يكن يؤدي إلا إليه، كان معناه أنه أراد أن يسلب الخلافة من الأنصار، ويقر ها في شخصه في آن واحد، ولذا لم يبد ترددا أو ما يشبه التردد لما عرض الأمر عليه صاحباه. وعمر نفسه يشهد لأبي بكر بأنه كان مداورا سياسيا بارعا في يوم السقيفة في حديث طويل له يصفه فيه بأنه أحسد قريش (2).
---
(1) راجع تاريخ الطبري 2: 233 قال أبو بكر: (إني رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر أو أبا عبيدة...). (2) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 1: 125 طبعة مصطفى البايي - مصر (الشهيد)
--- [81]
صفحه ۸۰