أسرعتا باستدعاء والديهما عندما طلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حبيبه في لحظاته الأخيرة (1) التي كانت تجمع دلائل الظروف على أنها الظرف الطبيعي للوصية ولا بد أنهما هما اللتان عنتهما الرواية التي تقول إن بعض نساء النبي أرسلن رسولا إلى اسامة لتأخيره عن السفر (2). فإذا علمنا هذا، وعلمنا أن هذا لم يكن بإذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإلا لما أمره بالأسراع بالرحيل لما قدم عليه بعد ذلك (3)، وأن سفره مع من معه كان يعيق عن تحقق النتائج التي انتجها يوم السقيفة، خرجت لدينا قضية مرتبة الحلقات على اسلوب طبيعي يعزز ما ذهبنا إليه من رأي. ومذهب الشيعة في تفسير ما قام به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من تجنيد جيش اسامة معروف، وهو أنه أحس بأن اتفاقا ما بين جملة من أصحابه على أمر معين، وقد يجعل هذا الاتفاق منهم جبهة معارضة لعلي. ونحن إن شككنا في هذا فلا نشك في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد جعل أبا بكر وعليا في كفتي الميزان مرارا أمام المسلمين جميعا ليروا بأعينهم أنهما لا يستويان في الميزان العادل. وإ لا فهل ترى إعفاء أبي بكر (4) من قراءة التوبة
---
(1) راجع الرواية في سنن الكبرى / النسائي 5: 145 باب 54، وأيضا في مختصر تاريخ ابن عساكر 18 / 21. (2) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 1: 53 (الشهيد) الطبعة القديمة - المصرية - مصطفى البابي الحلبي. (3) في مسألة بعث اسامة، وطلب الأسراع بتنفيذ الحملة التي أمر فيها النبي اسامة بن زيد على شيوخ المهاجرين والأنصار. راجع الكامل في التاريخ 2: 218، الطبقات الكبرى / ابن سعد 2: 248 - 250. (4) في قصة إعفاء الخليفة الأول أبي بكر عن مهمة تبليغ سورة براءة وإرسال علي بن أبي طالب لتنفيذ المهمة، راجع: مسند الأمام أحمد بن حنبل 1: 3، الكشاف / الزمخشري 2: 243، الصواعق المحرقة / ابن حجر: 32، طبعة القاهرة.
--- [83]
صفحه ۸۲