اتساع دولة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها آمال بواسم، وموجات من الأحلام ضحك لها الخليفة كثيرا وسعى في سبيلها كثيرا أيضا. (بواعث الثورة) إننا ندرك بوضوح، ونحن نلاحظ الظرف التاريخي الذي حف بالحركة الفاطمية، أن البيت الهاشمي المفجوع بعميده الأكبر قد توفرت له كل بواعث الثورة على الأوضاع القائمة، والانبعاث نحو وتغييرها وإنشائها إنشاء جديدا، وأن الزهراء قد اجتمعت لها كل إمكانيات الثورة ومؤهلات المعارضة التي قرر المعارضو ن أن تكون منازعة سلمية (1) مهما كلف الأمر. وإننا نحس أيضا إذا درسنا الواقع التاريخي لمشكلة فدك ومنازعاتها بأنها مطبوعة بطابع تلك الثورة، ونتبين بجلاء أن هذه المنازعات كانت في واقعها ودوافعها ثورة على السياسة العليا وألوانها التي بدت للزهراء بعيدة عما تألفه من ضروب الحكم، ولم تكن حقا منازعة في شئ من شؤون السياسة المالية، والمناهج الاقتصادية التي سارت عليها خلافة الشورى، وإن بدت على هذا الشكل في بعض الأحايين
---
(1) كان هناك إصرار عجيب من الأمام علي عليه السلام على أن تكون المعارضة سلمية لا تتعدى حدود الاحتجاج وقطع الأعذار، ولو كلف ذلك أن يجر ابن أبي طالب ويسحب من بيته سحبا للمبايعة، أو أن يتعرض البيت الطاهر إلى التهديد بالأحراق. ويلاحظ هنا أن الأمام عليا عليه السلام عندما جاء، أبو سفيان، وقال له: لو شئت لأملأنها عليهم خيلا ورجالا، نهره الأمام عليه السلام ورفض مبادرته. راجع: شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 6: 47 - 49 وص 11 في احتجاج الأمام علي عليه السلام بالحجة البالغة، وص 17 - 18 في موقف أبي سفيان، تاريخ الطبري 2: 233 و237.
--- [60]
صفحه ۵۹