حاجتها إلى البينة ؟ وهل تمنع التشريعات القضائية في الأسلام عن أن يحكم العالم استنادا إلى علمه (1) ؟ وإذا كانت تمنع عن ذلك فهل معنى هذا أن يجوز في عرف الدين سلب الشئ من المالك ؟ هذه أسئلة، ومعها أسئلة اخرى أيضا في المسألة تتطلب جوابا علميا، وبحثا في ضوء أساليب الاستناط في الأسلام. واريد أن أكون حرا، وإذن فإني أستميح الاستاذ أن الاحظ أن تزكية موقف الخليفة والصديقة معا أمر غير ممكن، لأن الأمر في منازعتهما لو كان مقتصرا على مطالببة الزهراء بفدك وامتناع الخليفة عن تسليمها له لعدم وجود مستمسك شرعي يحكم بواسطته لها بما تدعيه، وانتهاء المطالبة إلى هذا الحد، لو سعنا أن نقول إن الزهراء طلبت حقها في نفس الأمر والواقع، وإن الخليفة لما امتنع عن تسليمه لها لعدم تهيؤ المدرك الشرعي الذي تثبت به الدعوى تركت مطالبتها، لأنها عرفت أنها لا تستحق فدك بحسب النظام القضائي وسنن الشرع، ولكننا نعلم أن الخصومة بينهما أخذت أشكالا مختلفة حتى بلغت مبلغ الاتهام الصريح من الزهراء وأقسمت على المقاطعة (2).
---
(1) راجع في جواز حكم الحاكم أو القاضي بعلمه / سنن البيهقي 10: 142، تنقيح الأدلة في بيان حكم الحاكم بعلمه / السيد محمد رضا الحسيني / الأعرجي - المطبعة العلمية - قم، فهو بحث تفصيلي استدلالي في المسألة. (2) راجع الرواية في صحيح البخاري، عن عروة عائشة 3: 1374، شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 16: 281، وقال ابن أبي الحديد تعقيبا في ص 286: (وأما إخفاء القبر وكتمان الموت - موت الزهراء عليها السلام - وعدم الصلاة وكل ما ذكره المرتضى - أي الشريف - فيه فهو الذي يظهر ويقوى عندي، لأن الروايات به أكثر وأصح من غيرها، وكذلك القول في موجدتها وغضبها...)، أعلام النساء 4: 123 - 124.
--- [57]
صفحه ۵۶