يزيده وضوحا أن نزول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في غير وقت النزول، وأمره بقم الدوحات واجتماع الناس وإنصاتهم إلى كلامه صلى الله عليه وآله وسلم لا يصح أن يقصد به إخبار القوم بما هم عالمون به، فكما لا يصح أن يقيمهم ذلك المقام ويقول: أيها الناس إن أبا بكر ولد لأبي قحافة، ويسكت على هذا، أو يقول: هذا عمر بن الخطاب، وزوجتي عائشة بنت لأبي بكر، وحفصة بنت لعمر أيضا، فكما أنه صلى الله عليه وآله وسلم لا ينبغي أن يتكلم بهذا، ويوقف السيارة، ويقوم فيهم خطيبا به فكذلك قولكم إنه قصد أن عليا ناصره ؛ لأن علمهم بذلك يضاهي علمهم بهذه الأمور، وكيف يسوغ لعاقل أن يفعل مثل هذا، فيجعل انتصاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الرمضاء والحر الشديد، وجمع أقتاب الإبل وانتصاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخذه بيد علي عليه السلام ليعرف الناس أنه ناصره، مع علمهم بذلك، وهل هذا إلا غاية السفه والعبث الذي لا يجوز أن يقصده صلى الله عليه وآله وسلم ؟ وما وجه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ألست أولى بكم من أنفسكم ؟)) وهلا قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه))، من دون هذا التنزيل في إيقاع الكلام على الصفة المعروفة، وقد بان أن من ذهب إلى هذا مائل عن الحق، سالك غير طريق الصواب.
Página 83