Señales de cercanía en la búsqueda de la responsabilidad

Ibn Ukhuwwa d. 729 AH
50

Señales de cercanía en la búsqueda de la responsabilidad

معالم القربة في طلب الحسبة

Editorial

دار الفنون «كمبردج»

[فَصَلِّ غَسَلَ الْأَدْهَان الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا نَجَاسَة] (فَصْلٌ): فَأَمَّا الْكَلَامُ فِي غَسْلِ هَذِهِ الْأَدْهَانِ، وَتَطْهِيرِهَا بِالْمَاءِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَنَّ السَّمْنَ لَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ، وَلَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُ، وَأَمَّا الزَّيْتُ، وَالشَّيْرَجُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَدْهَانِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهَا فَأَبُو الْعَبَّاسِ يَقُولُ: إنَّهَا تَطْهُرُ بِالْغُسْلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُخَالِطُهُ، وَلَا تُمَازِجُهُ فَطَهُرَتْ بِالْغُسْلِ كَمَا يَطْهُرُ الثَّوْبُ النَّجِسُ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: إنَّهَا لَا تَطْهُرُ بِالْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ مَا يُمْكِنُ عَصْرُهُ، وَإِزَالَةُ الْمَاءِ النَّجِسِ عَنْهُ، وَلَا يُمْكِنُ فِي الدُّهْنِ فَلَمْ يُمْكِنْ تَطْهِيرُهُ كَالْخَلِّ، وَالْمَاوَرْدِ، وَاللَّبَنِ، وَالْعَسَلِ، وَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ، فَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ غَسْلُهُ فَإِذَا غُسِلَ لَمْ يَطْهُرْ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بَعْدَ الْغُسْلِ، وَإِذَا قُلْنَا يَجُوزُ ذَلِكَ فَإِنْ غَسَلَهُ ثُمَّ بَاعَهُ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ الْغُسْلِ فَالْحُكْمُ فِي هَذَا، وَفِي الْمَاءِ النَّجِسِ إذَا بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَاثِرَهُ بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَاحِدٌ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ فَيُشَابِهُ الثَّوْبَ النَّجِسَ. وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا فُقِدَتْ مِنْهُ مَنَافِعُهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ إذَا بِيعَ قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَجُمْلَةُ هَذَا أَنَّ النَّجَاسَاتِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ: نَجَاسَةٌ عَيْنِيَّةٌ كَنَجَاسَةِ الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِحَالٍ. وَالثَّانِي: مَا نُجِّسَ بِالْمُجَاوَرَةِ، وَلَا يَطْهُرُ بِالْمَاءِ كَالْخَلِّ، وَالْمَاوَرْدِ، وَاللَّبَنِ، وَمَا أَشْبَهَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِحَالٍ. وَالثَّالِثُ: مَا نُجِّسَ بِالْمُجَاوَرَةِ، وَلَمْ يُبْطَلْ، مُعْظَمُ مَنَافِعِهِ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ. وَالرَّابِعُ: مَا نُجِّسَ بِالْمُجَاوِرَةِ، وَقَدْ زَالَ مُعْظَمُ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَالزَّيْتِ، وَالشَّيْرَجِ، وَغَيْرِهِ فَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ هُوَ أَنَّهُ مَائِعٌ نَجِسٌ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَالْخَمْرِ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ فَهُوَ فِي عَيْنِهِ لَيْسَ بِنَجِسٍ

1 / 55