============================================================
الله له أنه علم، وذلك علم ليس يوصف الله منه بأين، ولا يوصف العلم من الله بكيف، ولا تفرد العلم من الله، وليس بين الله وبين علمه حد، وأنشأ ما أراد من انشاء من ذلك العلم، فكان الانشاء عينا عرش كل شيء وحده، وكانت فيه الحدود الأمكنة الكيفوفية والأينونية (1) ، والفصل والوصل والفتق والرتق، تشابهها ونيراتها واعلامها، وأحكامها وإثباتها، ومضروبها، وظهورها وبطونها، كل هذا مرسوم معروش فينا، عرشه على الماء فيه عرش كل شيء بأجله وحده وكيفيته، وذلك قوله: رب العرش (2 العظيم) والعرش العظيم في مكان هو هذا، وفي مكان الصفة الغائبة التي لم يصفها الواصفون، وهم المستحقون المختصون بهذا العرش ومن ذلك سمى الغيب (3) الغائب ، لأن كل شيء يخلق قبل كل شيء فهو غيب غائب عن هذا الذي خلق بعده، والله أعلم بذلك كله، فعلمنا أن الانسان لا يستطيع أن يصف كيفوفية نفسه في الجرم، كذلك كل غيب أطلعه الله من غيبه لا يستطيع أن يصف ما قبلها من الغيوب، فكذلك الغيوب لا يستطيع أن يصف ما قبلها من أمهاتها، وكذلك أمهات الغيوب لا تستطيع أن تصف بها أنها لم تكن، فكونها فكان هو العالم بها قبل إنشائها، فكيف يستطيع أن يصف شيئأ لم يكن حتى كؤن ما كان قبلها، لقد أشرك المشبهون لما نسبوا إلى الله ما ليس به من علم . وما أنزل الله عليهم بذلك من سلطان إلا أنه قال : { لا اله إلآ") أنا فاعبدون) . فلما عرش هذا العرش بقدرته وفتق هذه الأركان في أساس عرشه الذي سبقها فالعلم الكائن الذي فيه سبق الكائن وكانا لهذا العرش "بابان" فالباب الأول عرشه ، وعرش فيه هذه الحدود وسماه عرشا وغيبا غائبا وهو الباب الثاني الذي أقامه الله تعالى هذا العرش وأسر فيه علم الظاهر وسماه كرسيا
Página 60