[حكم الأموال المسلمة لدولة الجور والبغي]
وإن كانت الدولة من أهل البغي وكانت تقبض ذلك من أهل الإسلام، أو من أهل الذمة كان ذلك المال بيت مال إذا سلمه أربابه مداراة مع التمكن من الهجرة، أو رغبة في معاونة الجبارين لا يحل أن يجعل إلا في مصرفه، وإن تعدى به إلى غيره وتصرف فيه غير مستحقه كان غصبا.
والذي يدل على كون ما شأنه كذلك بيت مال ما روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: ((هدايا الأمراء غلول)) وفي رواية: ((هدايا العمال غلول))، وكان يأخذ هدايا عماله ويضعها في بيت المال، ولا يظهر خلاف في ذلك على سبيل الجملة.
ووجه الاحتجاج بذلك أن هدايا الأمراء في الأغلب [لا تكون] إلا في مقابلة واجب أو محظور .
أما الواجب فنحو الكف عن ظلمهم، والتعدي عليهم.
والمحظور نحو الإعانة على ما لا يحل والتقرب إلى أئمة الضلال وأرباب الفساد، وما يسلم للدولة الجائرة من ذلك، فاندرج تحت عموم الخبرين ووجب وضعه في بيت المال.
ومما يدل على ذلك قوله عليه السلام يوم الجمل: (ولا تستحلوا مالا إلا ما جباه القوم، أو وجدتموه في بيت مالهم)، فلو كان ذلك باقيا على ملك من سلمه لما قال ذلك، مع أنه عليه السلام كان يمكنه معرفة أربابه من أهل وطأتهم، فيقسمه بينهم على السوية، ويبين مدعي الزيادة، والفضل لا سيما في المثليات كالدراهم والدنانير، فلم يفعل ذلك وإنما أخذ ما وجد في بيت مالهم، فقسمه بين المجاهدين من أصحابه فأصاب كل رجل منهم خمسمائة خمسمائة.
Página 93