ومن ذلك مساواة الأنبياء، أو المشائخ بالله -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا- في شيء مما يختص به ككثير مما تقدم نحو تشريع شريعة، وكإغراق الفيل في الصفا أو في التعظيم أو في السجود أو غير ذلك؛ لأن الله سبحانه يقول: {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون}[الأنعام:1]، أي يجعلون له عديلا ومثلا -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا- ويقول سبحانه حاكيا عن الكفار: {إذ نسويكم برب العالمين}[الشعراء:98].
ومن ذلك الحكم بغير ما أنزل الله كما يفعله رؤساء القبائل في وقتنا هذا، وكذلك التزامه؛ لأن الله لم يشرع ذلك، ولقوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}[المائدة:44]، وأشباه ذلك كثير.
فإن قيل: كيف يكون الناس كفارا بذلك، وهم يشهدون الشهادتين ويقومون بالواجبات،وقد قال صلى الله عليه وآله: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله،فإذا شهدوا بذلك،وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا،وأكلوا ذبيحتنا حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها،لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين)).
قلت وبالله التوفيق: هذا نسيان لما تقدم من الأدلة القطعية، أو تناس مع أنه قد قال تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}[يوسف:106]، وقال تعالى: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما}[طه:112]
وقال صلى الله عليه وآله: ((بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا)).
Página 73