وأما قوله صلى الله عليه: ((لا يوردن ذو عاهة على مصح))، فإنما
أراد بذلك الزجر لهم عن ضرر بعضهم ببعض؛ لأنه قد يكون في البهائم أدواء وأمراض تعدي بها ما وردت عليه فنهاهم عن ذلك؛ لأن فضلات ما تشرب ومرابضها تعدي.
[معنى حديث: يأتي على الناس زمان يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع]
وسألت: عن الحديث الذي يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يأتي على الناس زمان يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع ، يكون خير الناس يومئذ مؤمن بين كريمتين))(1)، فقلت: ما معنى هذا الحديث؟
قال محمد بن يحيى عليه السلام: فهذا الدهر الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه هو دهرنا هذا؛ لأن أسعد الناس فيه اليوم وأنبلهم عند أهله السفهاء ومن لا خطر له ولا قدر ولا دين ولا معرفة، أولست ترى ذلك بعينك وتعاينه في ليلك ونهارك، هل ترى الآمرين والناهين والقضاة والمؤازرين والمقدمين إلا عبيدا أبناء عبيد [570] من ترك وخزر(2)، واغتام، ومتعاطي علم بعيد منه ينسب عالما وهو جاهل قد تعلق ببدعة وقال بمحال وشبهة، يخبط في عشواء مظلمة، لا يعرف حقا فيتبعه، ولا يميز باطلا فيتركه، خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين، فهؤلاء هم نبل الناس عند أمثالهم اليوم ورؤسائهم والمنظور إليه منهم، وأهل الشرف والدين والعلم والمعرفة بالله سبحانه واليقين مطرودون خائفون مذلون مضطهدون، لا ينطقون بحق ولا يتبعون على صدق، إن قالوا كذبوا، وإن قدر عليهم قتلوا، فهم مع هؤلاء الأوباش من أشر الناس منزلة وأخفضهم درجة.
واللكع فهو السخيف السفله العي المقصر في جميع أموره ولا عي ولا سخافة تكون أشد ممن عي وعجز عن عمل الآخرة وترك طاعة ربه.
Página 67