قال محمد بن يحيى عليه السلام: إنما أراد صلى الله عليه بقوله:
((قطعت ظهره)) وبقوله في المداحين: ((احثوا في وجوههم التراب)) الذين يمدحون الإنسان بما ليس فيه ويحسنون أفعاله الردية بالتزيين لها والمدح حتى يهلكوه بذلك وغيره من جهال الناس، وقد قال الله عز وجل في كتابه: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب}[آل عمران:188]، [568] وهؤلاء المداحون اليوم كثير. منهم هؤلاء العلماء الذين يزعمون أنهم فقهاء وينظر إليهم بعين ليس هي لهم يدخلون إلى ظالم من الظالمين أو جبار من الجبابرة الملاعين فيدعون له بالنصر والعون ويقولون: أحييت الإسلام وأمنت السبل وفعلت وصنعت، فيزيدونه بذلك عما إلى عماه، ويقرونه بذلك على المسلمين وعلى معصية رب العالمين حتى يرى هؤلاء الظلمة أنهم في سلطتهم مصيبون ولطريق حق قاصدون، فهؤلاء علماء السوء الذين لا ورع لهم ولا دين ولا معرفة بالله سبحانه ولا يقين، فهم شركاء الظالمين، وإخوان المبطلين، وفي أليم عقابهم من الداخلين، يقولون الزور، ويتكلمون فيهم بأحسن الأمور، وقد علموا أن الله سبحانه لم يجعل للظالم أمرا ولا نهيا، ولا حكما ولا فعلا ولكن دعاهم إلى ذلك طلب الرياسة وحب الدنيا والميل إلى المنى، فهم يزينون قبيح الظالمين، ويقوون أمرهم، ويسوسون دولتهم، ويتولون القضاء لهم، ويجهدون في عمران أمرهم حتى يحشرهم الله على أسوأ حالاتهم مذمومين، وإلى جهنم من الصايرين، فهؤلاء مثلهم الذين أمر رسول الله صلى الله عليه أن يحثوا التراب في وجوههم.
Página 65