وأما ما يصح الاستدلال به عليه يقال وما لا يصح فاعلم أنه يصح الاستدلال على الله تعالى بجميع أفعاله التي لا يصح وجودها من القادر بالقدرة عقد ما يصح الاستدلال على الله تعالى أن يقول كل فعل يستحيل على القادر بالقدرة وإيجاد مثله في جنسه أو نوعه أو وقوعه على دون وجه، فإنه يصح الاستدلال به على الله تعالى، وما عدا ذلك [75أ] من أفعاله فإنه لا يصح الاستدلال به عليه، وأما يستحيل في جنسه مثل الجواهر والألوان فهذا لا يصح من القادر بالقدرة ايجاد مثله من جنسه، وأما نوعه فمثل القدرة فإنه لا يصح منه إيجادها.
وأما وقوعه على وجه دون وجه فمثل إيجاد الكلام في العصا والشجر وحركة المرتعش، والعقل والألم الزائد عند لسعة الزمبور والعقرب، فإنها وإن كانت تدخل جنسها تحت مقدور العباد فإنها قد وقعت على وجه لا يقدر العباد على اتخاذها عليه فصح الاستدلال بها عليه، وما خرج عن هذا العقد من أفعاله فإنه لا يصح الاستدلال عليه، وكذلك لا يصح الاستدلال عليه سائر ضروب الأدلة العقلية نحو الاستدلال بالمعلول على العلة، وبالمسبب على السبب، والمقتضى على المقتضي؛ لأنه تعالى ليس بعلة، ولا سبب، ولا مقتضي.
وأما الأدلة السمعية فلا يصح الاستدلال على إثبات الله تعالى شيء منها عند جمهور العلماء ومحصلتهم، وذهب بعض الحشوية وأهل الحديث على أنه لا يصح الاستدلال عليه تعالى إلا بالسمع؛ لأن النظر عندهم بدعة تؤدي إلى الشك والحيرة، والذي يدل على إبطال قولهم أن الاستدلال بالسمع على إثباته تعالى يلزم الكذب، وهذا لما يصح بعد إثبات الصانع وعدله وحكمته، فإذا لم يثبت الصانع إلا بالسمع وقف كل واحد منهما على صاحبه، فلا يصح السمع خبر يثبت الصانع، ولا يصح الصانع حتى يصح السمع.
Page 144