143

Yaqutat Ghiyasa

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Genres

وأما الموضع الثالث: فهو في تحرير الأدلة، فقد بينا أنه يصح الاستدلال على الله تعالى بالأجسام، وبعض الأعراض، واستدل الشيخ (رحمه الله) بدلالة الأجسام، وإذا أردنا أن نستدل بها على أن للعالم صانعا، قلنا الذي يدل على ذلك وجود هذه الأجسام ووجه دلالتها على صانعها أنها محدثة، والمحدث لا بد له من محدث، ومحدثها ليس إلا الله تعالى، وهذه الدلالة مبنبة على ثلاثة أصول:

أحدها: أن هذه الأجسام محدثة.

والثاني: أن المحدث لا بد له من محدث.

والثالث: أن محدثها ليس إلا الله تعالى.

أما الأصل الأول: وهو أن هذه الأجسام محدثة [75ب] فالكلام منها يقع في ثلاثة مواضع:

أحدها: في حكاية المذهب وذكر الخلاف.

والثاني: في حقيقة الشيء وقسمته، وحقائق أقسامه، وحصرها.

والثالث: في الدليل على أن الأجسام محدثة.

أما الموضع الأول: وهو في حكاية المذهب وذكر الخلاف، فاتفق جميع الناس على أن هذه الحوادث اليومية محدثة نحو تراكب النبات والحيوانات وحركة الأفلاك، ثم اختلفوا بعد ذلك فذهب أهل القبلة وجميع من أثبت الصانع من الفرق الداخلة في الإسلام والخارجة عنه إلى أن الأجسام محدثة أصولها وفروعها [76أ] ...... وتراكيبها، والأفلاك، وغيرها، والخلاف في ذلك مع الملحدة، والدهرية، والفلاسفة المتقدمين، والفلاسفة الإسلاميين، والباطنية، وخلافهم على ضربين: خلاف في اللفظ والمعنى، وخلاف في المعنى دون اللفظ.

وأما الخلاف في اللفظ والمعنى فهو خلاف الدهرية، والملحدة، والفلاسفة القدماء، فإنهم ذهبوا إلى أن الأفلاك جميعها قديمة، وتراكيبها، وكذلك جميع الساقط قديم، فاستوا فيه لفظ القدم ومعناه، ومنهم من ذهب إلى أن التراكيب جميعها حادثة و...... قديمة.

Page 145