172

============================================================

السهيد شح معالمر العدل والتوحيل وقالوا: إن من رأى خطا منظوما على الإتقان فإنه يضطر إلى أن ذلك الكاتب عالما، مع أنه لا نسبة لما في ذلك الخط من الإحكام إلى أقل شيء من أفعال الله تعالى، فإذا كان هناك ضروريا فهاهنا أولى.

المسلك الثاني في بيان أنه تعالى عالم، وذلك أن نقول: قد دللنا على أنه تعالى قادر، والقادر هو الذي يفعل فعله مطابقا لداعيته وقصده إلى إيجاده، وذلك الايجاد لا يتأتى إلا بعد تصور تلك الحقائق قبل إيجادها، فلا بد أن يكون القديم تعالى متصورا لحقائق الأشياء قبل ايجادها، ثم التصور لا يعقل أن يكون جهلا ولا ظناب لأن اعتقاد الجهل إنما يكون إذا كان الحكم غير مطابق، والظن أيضا إنما يكون حيث يجوز أن يكون الحكم وألا يكون، ال والتصور ليس فيه حكم أصلا، وإنما هو علم بالحقيقة من حيث هي هي، فيستحيل أن يكون جهلا أو ظنا، فإذا ثبت أنه تعالى عالم بحقائق الأشياء على سبيل التصور فتلك الحقائق لذواتها وحقائقها تقتضي أن لها لوازم، وتصور حقيقة اللازم وتصور حقيقة الملزوم يقتضيان لذاتهما التصديق بثبوت أحدهما للآخر، فلا بد أن يكون ذلك التصديق حاصلا في حق الله تعالى، فثبت أنه تعالى عالم بالأشياء تصورا وتصديقا، وهو المطلوب.

وتمام تقرير الدليل بذكر ما يرد عليه من الأسئلة والانفصال عنها وهي ثلاثة: السؤال الأول ما المقصود بالإحكام لننظر في أفعاله تعالى هل هي محكمة أم لا؛ فإن الإحكام قديراد به وجهان: أحدهما إيقاع الفعل مطابقا لما حسبت عليه المواضعة، فكما أن الناس لما اتفقوا على إيجاد أحرف مخصوصة أدلة على الكلام، فكل من أتى بتلك الأحرف مطابقا لما تواضعوا عليه كان محكما لأفعاله وعالما بها.

Page 172