============================================================
الشهيد شح معالم العدل والتوحيد القادر منا، فإنا إنما نقدر بقدرة هي البنية المخصوصة وهي آلة في حصول الأفعال، وعلى حسب قوتها وصلابتها وحصافتها يقع التفاضل بين القادرين، والله تعالى يستحيل عليه ذلك فأفعاله تقف على ذاته المخصوصة عند الداعية فلا يختص بعدد منحصر: وأما أصحاب أبي هاشم فقالوا: إن الذي يحصر المقدورات في الجنس والعدد إنما هو القدرة، والقدرة أمر زائد على البنية معنى يوجب القادرية، والله تعالى قادر لذاته، فلا جرم لم تنحصر مقدوراته في الجنس ولا في العدد. لا يقال: إذا كان لا يصح وجود ما لا نهاية له فكيف يوصف بأنه تعالى قادر عليه؛ لأنا نقول: إن معنى وصفنا له بأنه قادر على ما لا نهاية له أنه ما من قدرة من المقدورات إلا ويقدر عليه وعلى أضعافه وأنه لا ينتهي التقدير إلى قدر إلا ويقدر على أزيد منه، وإن كان متى وجد فهو متناهه ولسنا نريد آنه يوجد ما لا نهاية له، كما أنا إذا قلنا: إنه تعالى قادر على الضدين، فإنا لا نريد أنه قادر على أن يجمع بينهما، وإنما يقدر على ايجاد كل واحد منهما على الانفراد.
القول في كونه تعالى عالما وفيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى في إقامة الدلالة على أنه تعالى عالم.
ولنا فيه مسلكان: الأول أنه تعالى فعل أفعالا محكمة، وكل من كان كذلك فهو عالم.
أاما أنه تعالى فعل أفعالا محكمة فهو ظاهر، لا سيما عند تأمل ما في أعضاء الحيوان من المنافع العظيمة والاتقان العجيب، وكذلك ما في خلق السموات والأرض من العجائب ال وبدائع الحكمة. وأما إن من كان كذلك فهو عالم، فالعلماء قد ادعوا الضرورة في هذا،
Page 171