Tafsir
تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني
[80]
قوله تعالى : { وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة } ؛ اختلفوا في هذه الأيام ما هي ؟ قال ابن عباس ومجاهد : (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تقول : مدة الدنيا سبعة آلاف سنة ؛ وإنما نعذب بكل ألف سنة يوما واحدا ، ثم ينقطع العذاب عنا بعد سبعة أيام. فأنزل الله هذه الآية).
وقال قتادة وعطاء : (يعنون الأربعين يوما التي عبد آباؤهم فيها العجل ؛ وهي مدة غيبة موسى عليه السلام).
وفي بعض التفاسير : اختلف في مقدار عبادتهم العجل ؛ فقيل : عشرة أيام. وقيل : سبعة أيام. وقيل : أربعون يوما. فقال الله تعالى تكذيبا لهم : { قل } ؛ يا محمد : { أتخذتم عند الله عهدا } ؛ أي موثقا أن لا يعذبكم إلا هذه المدة ، { فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون }.
وروي أنه يقال لهم عند مضي الأجل : يا أعداء الله قد مضى الأجل وبقي الأبد.
ولفظ ال { معدودة } للقلة كقوله : { بثمن بخس دراهم معدودة }[يوسف : 20] ، وفي الصوم : { أياما معدودات }[البقرة : 184]. واحتج أصحابنا بقوله عليه الصلاة والسلام : " المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها " وقوله صلى الله عليه وسلم : " دعي الصلاة أيام أقرائك " أن أقل الأيام ثلاثة وأكثرها عشرة ؛ لأنه يقال لما دون الثلاثة : يوم ويومان ، وفيما زاد على العشرة أحد عشر ؛ وليس لأحد أن يعترض على هذا بقوله في ليلة الصيام : { أياما معدودات }[البقرة : 184] أراد بها الشهر كله ؛ لأنه ظاهر لفظ الأيام من الثلاثة إلى العشرة. إلا أنه قد يذكر ويراد به الزيادة وقد فسر الله تعالى أيام الصوم بالشهر ، فانعقد بذلك التفسير. وأما أيام الحيض فمبهمة ؛ فلا بد أن تكون محصورة ؛ لأن الأحكام تختلف بحال الحيض والطهر ، فكان حمل اللفظ على ظاهره وحقيقته أولى.
Page 80