38

Sharh Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Investigator

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ تَعَالَى، وَالرَّسُولَ مَنْ أَتَى بِشَرْعٍ ابْتِدَاءً وَبِنَسْخِ بَعْضِ أَحْكَامِ شَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَهُ، وَهَذَا نَحْوُ الَّذِي قَبْلَهُ. الْبَحْثُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَوْجُودَاتِ بِحَسَبِ الْقِسْمَةِ الْعَقْلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: إِمَّا كَامِلٌ مُكَمِّلٌ، أَوْ لَا كَامِلٌ وَلَا مُكَمِّلٌ، أَوْ كَامِلٌ غَيْرُ مُكَمِّلٍ، أَوْ مُكَمِّلٌ غَيْرُ كَامِلٍ، وَهَذَا الْقِسْمُ مُحَالٌ لَا يُتَصَوَّرُ، لِأَنَّ تَكْمِيلَ الْغَيْرِ فَرْعُ كَمَالِ الذَّاتِ، فَإِذَا انْتَفَى الْأَصْلُ، اسْتَحَالَ وُجُودُ الْفَرْعِ، وَلِأَنَّ كَمَالَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ مَبْدَأُ تَكْمِيلِهِ لِغَيْرِهِ، وَالْمُحْدَثُ بِدُونِ مَبْدَأٍ مُحَالٌ، وَنَظِيرُهُ أَنَّ التَّعْلِيمَ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَطَهُورِيَّةَ الْمَاءِ بِدُونِ طَهَارَتِهِ مُحَالٌ. أَمَّا الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ، فَأَعْلَاهَا الْكَامِلُ الْمُكَمِّلُ - بِكَسْرِ الْمِيمِ - وَلَهُ مَرَاتِبُ أَعْلَاهَا فِي ذَلِكَ رُتْبَةُ الْبَارِي، ﷻ، فَإِنَّهُ الْكَامِلُ فِي ذَاتِهِ لِذَاتِهِ لَا لِمُكَمِّلِ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُكَمِّلُ لِمَنْ سِوَاهُ مُطْلَقًا، لَكِنْ لِبَعْضِهِمْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، كَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالْأَوْلِيَاءِ الْمُحْدَثِينَ الْمُلْهَمِينَ، وَلِبَعْضِهِمْ بِوَاسِطَةِ هَؤُلَاءِ كَتَكْمِيلِ الْأُمَمِ بِالْأَنْبِيَاءِ، وَبَعْضِ أَشْخَاصِ الْأُمَمِ بِبَعْضٍ كَالتِّلْمِيذِ بِالْمُعَلِّمِ، وَالْقَاضِي بِالْإِمَامِ يُوَلِّيهِ الْحُكْمَ، وَالْعَدْلِ بِالْقَاضِي يَعْدِلُهُ، وَالشَّاهِدِ بِالْمُزَكِّي، وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ بِالْوَلِيِّ. ثُمَّ يَلِي هَذَا الْقَسَمَ فِي الرُّتْبَةِ الْكَامِلُ غَيْرُ الْمُكَمِّلِ، كَالرَّجُلِ الصَّالِحِ الْعَارِفِ بِرَبِّهِ، لَكِنْ لَيْسَ لَهُ قُوَّةٌ تُعَرِّفُهُ غَيْرَهُ، وَالْعَالِمِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي عَمَلِهِ وَتَعَبُّدَاتِهِ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ فَضْلُ عِلْمٍ يُعَلِّمُهُ غَيْرَهُ، أَوْ لَيْسَ عِنْدَهُ قُوَّةٌ يُوصَلُ بِهَا إِلَى فَهْمِ غَيْرِهِ، فَهَذَا كَالْمَاءِ الطَّاهِرِ غَيْرِ الطَّهُورِ، وَالَّذِي قَبْلَهُ كَالطَّهُورِ.

1 / 89