37

Sharḥ Mukhtaṣar al-Rawḍa

شرح مختصر الروضة

Editor

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَصَحَّحَهُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّبِيِّ وَالرَّسُولِ، قِيلَ: بِأَنَّ النَّبِيَّ يُوحَى إِلَيْهِ مَنَامًا، وَالرَّسُولَ عَلَى لِسَانِ الْمَلَكِ يَقَظَةً، وَهُوَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ نَبِيَّنَا ﷺ أُوحِيَ إِلَيْهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مَنَامًا فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ رَسُولًا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: بِأَنَّ الرَّسُولَ نَبِيٌّ خَاصٌّ، فَكَانَ الْوَحْيُ إِلَيْهِ مَنَامًا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ نَبِيًّا، وَيَكُونُ الْوَحْيُ قَدْ تَرَاخَى عَنْهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ رَسُولًا، كَمَا انْقَطَعَ عَنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حِينَ سُئِلَ عَنْ أَهْلِ الْكَهْفِ وَالْإِسْكَنْدَرِ، وَعَنِ الرُّوحِ، فَقَالَ: غَدًا أُخْبِرُكُمْ وَلَمْ يَسْتَثْنِ، وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ.
وَقِيلَ: بِأَنَّ الرَّسُولَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ ﷾، وَالنَّبِيَّ لَا يَلْزَمُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ تَكُونُ نُبُوَّتُهُ وَحْيًا يَخْتَصُّ بِهِ، وَمُنَاجَاةً بَيْنِهِ وَبَيْنَ رَبِّهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا إِذَا عَبَدَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً أُوحِيَ إِلَيْهِ، فَعَبَدَ بَعْضُهُمُ اللَّهَ ﷾ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ، وَكَانَ يَرَى نَفْسَهُ فَرَجَعَ يَلُومُهَا وَيَقُولُ: يَا نَفْسُ مَا أُتِيتُ إِلَّا مِنْ قِبَلِكِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: الْآنَ حَيْثُ اعْتَرَفْتَ بِالتَّقْصِيرِ أَهَّلْتُكَ لِلْوَحْيِ، أَوْ كَمَا قَالَ.
وَحَاصِلُ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ الرِّسَالَةَ مَعْنًى مُتَعَدٍّ، وَالنُّبُوَّةَ تَكُونُ لَازِمَةً وَمُتَعَدِّيَةً، وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ فِي «دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ»: أَنَّ النَّبِيَّ مَنْ أَتَاهُ الْوَحْيُ مِنَ اللَّهِ

1 / 88