163

Sharh Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Investigator

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَمِنْهَا: التَّرْغِيبُ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ، وَأَنَّهُ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ الْوُجُوبُ وَالْحَظْرُ، وَقَدْ أَتَى مِنْهَا بِكَبَائِرَ، كَالْقَتْلِ وَالظُّلْمِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ. وَأَنَّ إِثْمَ ذَلِكَ لَاحِقٌ لَهُ، ثُمَّ عَرَفَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ ذَلِكَ كُلَّهُ، رُبَّمَا اسْتَشْعَرَ الْخَوْفَ مِنْ عَاقِبَةِ مَا فَعَلَ مِنْهَا، فَدَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى الْإِسْلَامِ الْهَادِمِ لَهَا.
وَمِنْهَا: الْحُكْمُ بِتَخْفِيفِ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِ بِفِعْلِ بَعْضِ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكِ بَعْضِ الشُّرُورِ، إِذَا عَرَفَ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهَا، وَفَعَلَهَا جَازَ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُ الْعَذَابُ فِي الْآخِرَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ فِيهَا مُتَفَاوِتُونَ فِي الْمَنَازِلِ وَالدِّرَكَاتِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ، كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ مُتَفَاوِتُونَ فِيهَا فِي الْمَنَازِلِ وَالدَّرَجَاتِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ. كَمَا قَرَّرْتُهُ فِي «الْقَوَاعِدِ الصُّغْرَى» .
ذَكَرَ هَذِهِ الْفَوَائِدَ الثَّلَاثَ الْقَرَافِيُّ فِي «شَرْحِ التَّنْقِيحِ» وَأَحَالَ بِفَوَائِدَ أُخَرَ عَلَى شَرْحِهِ لِـ «الْمَحْصُولِ» .
وَمِنَ الْمَآخِذِ السَّمْعِيَّةِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَعَا النَّاسَ عَامَّةً إِلَى قَبُولِ جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ.
قَوْلُهُ: «وَالتَّكْلِيفُ بِالْمَنَاهِي، يَسْتَدْعِي نِيَّةَ التَّرْكِ تَقَرُّبًا، وَلَا نِيَّةَ لِكَافِرٍ» .
هَذَا تَقْرِيرٌ لِضَعْفِ مَذْهَبِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْكُفَّارَ مُكَلَّفُونَ بِمَنَاهِي الشَّرْعِ الْفَرْعِيَّةِ، كَتَرْكِ الْمَحْظُورَاتِ، دُونَ مَأْمُورَاتِهِ، كَفِعْلِ الْوَاجِبَاتِ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ عَلَى قَوْلِهِمْ: هُوَ أَنَّ مَقْصُودَ الْأَوَامِرِ الشَّرْعِيَّةِ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ ﷾ بِإِيجَادِهَا، وَمَا

1 / 214