Sharḥ Mukhtaṣar al-Rawḍa
شرح مختصر الروضة
Editor
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَنْ يُوقِعَهَا مُسْلِمًا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْكُفْرَ وَإِنِ اسْتَقَلَّ بِالتَّخْلِيدِ، لَكِنْ يُعَاقَبُونَ عَلَى تَرْكِ الْفُرُوعِ بِالْمُضَاعَفَةِ، كَمَا قَالَ ﷾: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ يَعْنِي الْإِشْرَاكَ وَالْقَتْلَ وَالزِّنَى ﴿يَلْقَ أَثَامًا﴾ ﴿يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ﴾، يَعْنِي عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يُعَذَّبُ ضِعْفًا مِنَ الْعَذَابِ.
قُلْتُ: وَهَذِهِ الْفَائِدَةُ، أَعْنِي عِقَابَهُمْ عَلَى تَرْكِ الْفُرُوعِ فِي الْآخِرَةِ، بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ يُعَيِّنُهَا، أَيْ: لَا فَائِدَةَ لِتَكْلِيفِهِمْ إِلَّا ذَلِكَ، وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ هُنَا فَوَائِدَ:
مِنْهَا: تَيْسِيرُ الْإِسْلَامِ عَلَى الْكَافِرِ، فَإِنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهَا رُبَّمَا سَهُلَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا، دُونَ فِعْلِ أَصْلِهَا وَهُوَ الْإِيمَانُ، لِأَنَّ فُرُوعَ الشَّرِيعَةِ كُلُّهَا حَسَنٌ عَقْلًا، تَمِيلُ الطِّبَاعُ إِلَيْهَا، وَقَدْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَنْ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا لِلَّهِ إِلَّا الشَّهَادَتَانِ. مِثْلُ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ جُودِهِ، وَمَحَبَّتِهِ لِلْعَدْلِ، وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَالتَّوَكُّلِ، وَالْإِيمَانِ بِالْمَعَادِ، وَبَعْضُ مَنْ أَدْرَكَ الدَّعْوَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ، أَجَابَ إِلَى جَمِيعِ مَا وَرَدَتْ بِهِ، وَامْتَنَعَ مِنَ الصَّلَاةِ، لِمَا فِيهَا مِنْ إِرْغَامِ الْأُنُوفِ، فَإِذَا عَلِمَ الْكَافِرُ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهَا، وَفَعَلَهَا بِنِيَّةِ الطَّاعَةِ، وَالْإِجَابَةِ لِدَاعِي الشَّرْعِ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ - فَرُبَّمَا يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْهُدَى بِبَرَكَةِ ذَلِكَ الْمَعْرُوفِ وَالْبِرِّ. وَيُرْوَى فِي الْحَدِيثِ، أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُخْتَمُ لَهُ بِالْكُفْرِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ ذُنُوبِهِ، فَيُنَاسِبُ أَنْ يُخْتَمَ لِلْكَافِرِ بِالْإِيمَانِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ حَسَنَاتِهِ.
1 / 213