Rihla Fi Fikr Zaki Najib Mahmud
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
Genres
ولم تكن هذه الفكرة التي ملأت وجدانه، ولا المقالة التي كتبها، أحداثا عابرة في حياته؛ فهو يروي لنا في آخر كتبه، بعد أن تجاوز الثمانين، أن فكرة «وحدة الوجود» ظلت تعاوده بين الحين والحين، كما ظلت عزلة التصوف والحياة مع «الأفكار» من أخص خصائص شخصيته.
15
ويعتقد مفكرنا، وهو يروي سيرة حياته العقلية، أن أجمل ما كتب عن فكرة وحدة الوجود التي كانت تعاوده، مقال بعنوان «درس في التصوف»، نشر في عدد خاص من مجلة الرسالة في 3 مارس عام 1941م.
16
والمقال عبارة عن حوار بين أستاذ متصوف مؤمن بوحدة الوجود، وتلميذه الشاب الذي كان في البداية عابسا نافرا مما يقوله الأستاذ من أنه لا فرق في الأعماق بين إنسان ونبات وحيوان، بل لا فرق بينه وبين الجماد نفسه ... إلخ. ثم يعلق مفكرنا على هذا المقال بقوله: «تلك كانت صوفية نزع إليها صاحبنا منذ فرغ من دراسته، وأخذت تعاوده حينا بعد حين، وامتدت معه أعواما جاوزت في عددها عشرة ...»
17
وفي هذه الفترة المبكرة كتب دراسة مطولة عن «أبي بكر الصديق» في مجلة المعلمين العليا، أبريل عام 1928م، وقد استوقفه أبو بكر كرجل نهض بالإسلام نهوضا عظيما، «ثم استوقفني أبو بكر كرجل مفكر ذي عقل كبير أوجدته الطبيعة ليكون منارا للإنسانية بأسرها ...»
18
كان أبو بكر قد نشأ في بيئة بدوية قاحلة.
19
Unknown page