============================================================
فقلت والقلب قد ضجت أضالعه والسروح تنزع والأشواق تبذلها منازل الحب فى قلبى معظمة وان خلا من نعيم الوصل منزلها فكيف أتركها والقلب يتبعها حبا لمن كان قبل اليوم ينزلها قال فتركتها ومضيت وقد وقع شعرها من قلبى موقعا وازداد قلبى تولعا، قلت إثما أعجب أبا القاسم الجنيد رضى الله عنه تعالى عند قولها لأنها ذكرت صفة الحب والحب والمحبوب وصدقت فى الوصف وصدقت فى التحقيق بالحب الذى ذكرته وصبرت على ملازمة منزل الأحباب مع مافيه من شعث الحال وتجدد أحزان المصباب وقد حكى عن بعض اللصوص أته قطعت يده اليمنى فى السرقة ثم سرق فقطعت رجله اليسرى ثم سرق فقطعت يده اليسرى ثم سرق فقطعت رجله اليمنى كما هو حكم الشرع فى ذلك، ثم سرق فسعلق فى الهواء تعزيرا له إذ لم يبق بعد قطع الأعضاء الأربعة إلا التعزير على حسب ما يليق بالحال فمن عليه بعض الشيوخ الصوفية وهو معلق مقطوع يداه ورجلاه فقال الشيخ لأصحابه الذين معه أنا عبد هذا الشخص قالوا وكيف ذلك قال لأنه صبر على ما أصابه فى طلب محبويه ولم يرده عنه كل ما أصابه من تعب وعقوبة قلت وقول الجارية فى أول الحكاية ألا يادار لايدخلك حزن اغترار بسرور لم يشبه كدر فى أيام إقبال الدنيا الخادعة ولهو بلعب يلهى عن اكتساب الخيرات والسعى في الطاعة أصمهم حب الدنيا عن سماع قول المولى سبحاته وتعالى: {انما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة*(1) الآية . وقوله تعالى: ذرهم يأكلون ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون}(2) وقوله تعالى: أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاههم ماكانوا يوعدون ما أغنى عنهم ماكانوا يمتعون}(2) وغير ذلك من الآيات الكريمات، وكذلك من الأحاديث النبويات مثل قوله ييلة إن الدنيا حلوة خضرة وقوله لة نعمت المرضعة وبثست الغاطمة وغير ذلك مما يطول ذكره وأيضا من ذلك قول القائل : ومن يحمد الدنيا لعيش يسره فسوف لعمرى عن قليل يلومها إذا أدبرت كانت على المرء حسرة وإن أقبلت كانت كثيرا همومها وقول الإمام الشافعى رضى الله عنه ومن يذق الدنيا فإنى طعمتها وسيق إلينا عذبها وعذابها فلم أرها إلا غرورا وباطلا كما لاح فى ظهر الفلاة سرابها (3) سورة الشعراء : الآيات 205- 207 (1) سورة الحديد: الآية -2.
(2) سورة الحجر: الآية 3.
Page 192