============================================================
ولما دخل الأحنف بن قيس على بعض الولاة لبعض مصالح المسلمين جلس معه على السرير بغير إذنه فرأى الأحنف الغضب في وجهه فقال الأحنف واعجباه كيف يتكبر من يغسل العذرة بيده كل يوم مرة أو مرتين أو ثلاثا أو اكثر من ثلاث كيف يتكبر على مثله، ولما دخل عبد المطلب على بعض الملوك رأى منه الملك منظرا حسنا وخبر من سيادته وحسبه من قريش مخبرا شريفا ومنطقا حسنا فأجله الملك وأكرمه وكره أن يجلسه على الأرض ويجلس هو على السرير وكره أيضا أن يجلسه معه على السرير فيشاركه في سرير الملك ومجلس العلو فنزل الملك عن سريره وجلس مع عبد المطلب على الأرض وقضى له حاجته التى طلب وبجله وخصه بمرتبة عالية على المراتب فعلى كذا يكون المتحابون في الله تعالى أفضل من سائر المذكورين في هذه الحكاية وقد تقدم حديث الترمذى الصحيح قال الله عز وجل: (المتحابون في الله لهم مناير من نور يغبطهم النبيون والشهداء) والحديث الصحيح في الموطأ يقول الله عز وجل: (وجبت محبتى للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين في) فقد ظهر من هذين الحديثين ما يؤيد المنام المذكور أنهم أصحاب المراتب وناهيك بها من مراتب وآكرم بها من مناصب احتوت على شرف جل قدره وعظم فخره مع ما لهم من العيش الأهنى والجمال الأسنى والنعيم المقيم في جوار المولى الكريم زادهم الله من نعمه وتكرم علينا وعليهم يكرمه والمسلمين آمين، وأما ذكر السرر في المنام المذكور ورد ذكر منابر النور في الحديث الصحيح المشهور فليس بينهما تناقض ولا قادح محذور فالمنابر تكون في القيامة والسرر تكون في القبور كما رأى في المنام المذكور وكما هو في الحكايات الآتيات مسطور.
الحكاية التاتية والستون بعد الماثة روينا عن أحد من يحفرون القبور من الثقات رحمه الله أنه حفر قبرا في بعض البلاد فأشرف فيه على إنسان جالس على سرير وبيده مصحف يقرا فيه وربما قال وتحته نهر يجرى فغشى عليه وأخرجوه من القبر ولم يعلموا ما أصابه ثم أفاق في اليوم الثانى أو قال في الثالث فأخبرهم بما رأى فسأله بعض الناس أن يدله على ذلك القبر فعزم على ذلك فلما كان في الليل رأى صاحب القبر في النوم وهو يقول أقسم بالله عليك لئن دللت أحد على قيرى ليصيبنى كذا وكذا فاستيقظ وتاب مما نوى وعمى عليهم القبر فلم يعلموا أين هو رضى الله عنه ونفعنا به آمين:
Page 167